في سجلات تاريخ الرياضة، قليل ما يسطع اسم مثل مايكل جوردان، أيقونة كرة السلة الأميركية، الذي صال وجال في الصالات، وحسم مباريات في اللحظات القاتلة، وأبهر العالم بقدرته على التحليق في الهواء.

لكن خلف هذه الصورة الباهرة، تختبئ قصة إنسانية ملهمة عن الصمود والمرونة العقلية، بدأت بندبة في قلب فتى مراهق، كادت تسرق منه حلمه.

الرفض الذي أشعل الشرارة

في سنته الثانية بمدرسة “لاني” الثانوية في ويلمنغتون بولاية كارولاينا الشمالية، تعرض مايكل جوردان لضربة موجعة حين استُبعد من فريق كرة السلة التابع للمدرسة.

وكانت صدمة هائلة لمراهق يطمح لأن يصبح لاعبا كبيرا لكن ما كان يمكن أن يقتل حلمه، صار بذرة أسطورته.

ورفض جوردان أن ينكسر، بل على العكس، استثمر ذلك الجرح ليشعل في داخله حريقا لا ينطفئ. وواصل التدريب بإصرار أسطوري، وقضى ساعات إضافية في الصالات بعد انتهاء الحصص التدريبية، ليصقل مهاراته إلى أن صار مثالا حيا في الالتزام والتدريبات.

وقال جوردان في إحدى الحوارات “أستطيع أن أتقبل الفشل، فكل شخص يفشل في شيء ما. لكني لا أستطيع أن أتقبل عدم المحاولة”.

وفي اعترافات لاحقة قال “أضعت أكثر من 9 آلاف تسديدة في مسيرتي. خسرت ما يقرب من 300 مباراة. في 26 مرة أوكل إليّ أمر تسديد رمية الفوز، وفشلت. لقد فشلت مرارا وتكرارا في حياتي. ولهذا السبب أنجح”.

ما ميز جوردان ليس موهبته البدنية فقط، بل صلابته الذهنية وإيمانه الراسخ بنفسه، حتى وسط الفشل وخيبات الأمل، اعتبر كل انتكاسة فرصة للتعلم والنمو، ورفض أن تُعرّفه إخفاقاته.

وهذه الثقة لم تكن غرورا، بل إيمانا عميقا بقدرته على تخطي العقبات، ما جعله لا يخشى الفشل، بل يحتضنه كتحد جديد.

مسيرة مذهلة

سطّر مايكل جوردان مسيرة مذهلة مع شيكاغو بولز، قاد خلالها الفريق إلى 6 ألقاب في دوري “إن بي إيه” (NBA)، وحصد لقب “أفضل لاعب في النهائيات” (Finals MVP) 6 مرات، بالإضافة إلى 5 جوائز “إم في بي” (MVP) للموسم العادي.

وأُدرِج اسمه في 14 مباراة “كل النجوم” (All-Star)، وتوّج مرتين بالميدالية الذهبية الأولمبية مع منتخب الولايات المتحدة. كما كان هداف الدوري 10 مرات، وهو رقم مذهل يعكس هيمنته الهجومية.

ومن قصة استبعاده المؤلمة إلى تتويجه أعظم لاعب في تاريخ كرة السلة، جسّد مايكل جوردان مثالا خالدا على أن النجاح لا يعني غياب الفشل، بل الاستمرار رغم الفشل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version