بقلم:&nbspيورو نيوز

نشرت في

اعلان

اتهمت منظمات إغاثية السلطات الإيطالية بانتهاج سياسة ممنهجة لمعاقبة سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية، بعد احتجازها خمس سفن خلال الأسابيع الستة الماضية، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى ارتفاع أعداد الغرقى في أحد أكثر طرق الهجرة فتكًا في العالم.

وأكدت منظمة “سي ووتش” (Sea-Watch)، ومقرها برلين، يوم الثلاثاء، أن سفينتها “أورورا” احتُجزت في ميناء لامبيدوسا لمدة 20 يومًا، بعدما نفذت عملية إنقاذ لنحو 70 شخصًا في المياه الدولية، كانوا يعانون من حروق وقود وجفاف ودوار البحر. كما تم احتجاز السفينة الصغيرة “داكيني”، التي شاركت في العملية.

وقالت كارلا بريمك، رئيسة العمليات على متن “أورورا”، إن “هذا القرار سياسي بامتياز. من ينقذ يُعاقب. هذه هي الحقيقة في 2025”.

وأوضحت المنظمة أن السلطات الإيطالية أمرت بنقل الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى ميناء بوزالو جنوبي البلاد، إلا أن الطاقم قرر التوجه إلى لامبيدوسا الأقرب جغرافيًا، نظرًا لسوء الأحوال الجوية وخطورة الوضع على متن السفينة. وأضاف البيان: “تلقينا موافقة صريحة من السلطات الإيطالية، وتم إبلاغها بكل تفاصيل التحرك، قبل أن تدخل السفينة لامبيدوسا بعد عشر ساعات من الإبحار”.

حملة متصاعدة ضد سفن الإنقاذ منذ 2023

تعود بداية التصعيد إلى يونيو الماضي، عندما احتُجزت السفينة “نادير”، التابعة لمنظمة ResQship الألمانية، لمدة 20 يومًا، لتصبح أول سفينة شراعية تُحتجز منذ فرض الحكومة الإيطالية قوانين صارمة على عمليات الإنقاذ المدني في عام 2023.

وتوالت بعدها عمليات الاحتجاز، حيث منعت السلطات أيضًا سفينة تابعة لمنظمة “Sea-Eye” من مواصلة مهامها، بتهم عدم الامتثال لتعليمات تتعلق بوجهات الرسو وعدد عمليات الإنقاذ المسموح بها. وقد فرضت السلطات قيودًا تمنع السفن من الاستجابة لأكثر من نداء استغاثة، وتجبرها على نقل الناجين إلى موانئ بعيدة في وسط وشمال إيطاليا.

وقالت يلكا كريتزشمار، إحدى أفراد طاقم “نادير”: “الدولة الإيطالية تستخدم كل الوسائل لإبعادنا. النتيجة أن الناس سيختفون في البحر، يغرقون ويعانون دون أن يراهم أحد، بينما تواصل أوروبا التستر على هذا الواقع المرير”.

وتتهم المنظمات السلطات الأوروبية والتونسية والليبية بالتورط في “عمليات صد وإعادة قسرية” للمهاجرين نحو مناطق خطيرة، بما في ذلك معسكرات احتجاز وتعذيب، أو تركهم في الصحراء.

استهداف الأسطول الصغير ومخاوف من “إسكات الشهود”

وأشارت “سي ووتش” إلى أن الإجراءات الجديدة طالت حتى السفن الصغيرة غير القادرة على إنقاذ أشخاص على متنها، مثل “داكيني”، والتي تقتصر مهامها على تقديم سترات النجاة والماء. وقال الطاقم في بيان: “نحن أمام مرحلة جديدة من سياسة الردع، حيث يتم الآن استهداف سفن الدعم الإنساني الصغيرة، ضمن ما يُعرف بالأسطول المصغّر”.

يُذكر أن عام 2025 يوافق الذكرى العاشرة لانطلاق عمليات الإنقاذ التي تقودها منظمات غير حكومية في المتوسط، والتي أسفرت عن إنقاذ أكثر من 175 ألف شخص خلال العقد الماضي، رغم تصاعد الضغوط والملاحقات القانونية.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أصدرت 32 منظمة إنسانية بيانًا مشتركًا طالبت فيه بوقف “عرقلة جهود الإنقاذ الممنهجة”، محذّرة من أن غياب سفن المنظمات سيؤدي إلى “زيادة هائلة في أعداد الوفيات، ووقوع انتهاكات غير مرئية في عرض البحر”.

“جدار غير مرئي” و800 قتيل منذ بداية العام

في خضم هذه الإجراءات، لا تزال سفينة “نادير” محتجزة للمرة الثانية على التوالي في ميناء لامبيدوسا، رغم استمرار نداءات الاستغاثة. وقال الطبيب البريطاني جيمس واتسون، الذي تطوع أربع مرات على متنها: “كأن هناك جدارًا غير مرئيًا. تسمع النداءات، تشعر بالهلع في أصوات المتصلين، تعرف أن الأرواح في خطر، لكنك عاجز تمامًا”.

وأشار واتسون إلى أن الحكومة الإيطالية تسعى، من خلال هذه الإجراءات، إلى “إبعاد الشهود” عن مياه المتوسط، مضيفًا: “ليس فقط أن المزيد من الناس سيموتون، بل لن نسمع عنهم شيئًا. لن يكون هناك من يرصد، من يبلغ، من يوثق. هؤلاء سيموتون بصمت”.

ووفقًا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة، لقي أكثر من 800 شخص حتفهم في البحر المتوسط منذ بداية عام 2025، وسط ترجيحات بأن العدد الحقيقي أكبر بكثير.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version