متى تنتهي ثقافة يا تكون معي رياضياً أو أنت ضدي ؟

من الطبيعي أن تختلف الآراء وأن تتصادم وجهات النظر، فذلك جزء أصيل من جمال التنافس الرياضي وروحه.

لكن ما لم يعد طبيعياً بل بات ظاهرة مقلقة هو التصعيد الخطير لثقافة إما أن توافقني وتصفّق لي أو أنت عدوي وتستحق الإقصاء والتخوين !!

ما أثاره الإعلامي محمد نجيب من انتقادات مؤخراً تصدّر الترند الرياضي وتحول صوته من رأي مخضرم إلى خصم لدود في أعين من لا يقبلون بالنقد إلا إذا وافق هواهم.

البعض رأى في حديثه طرحاً جريئاً يستند إلى ملاحظات فنية وتنظيمية.. فيما اعتبره آخرون تلميحاً مسيئاً يتجاوز حدود النقد ليصل إلى الطعن في نزاهة المنافسات.

بين النقد والإساءة.. أين نقف؟

هنا يجب أن نقف بوضوح دون تعصب فإن كان ما قاله محمد نجيب يدخل في إطار النقد المهني فهو حقٌ مشروع ومكفول لكل إعلامي.. أما إن كان يقصد الإساءة أو التشكيك في الذمم الوطنية أو المؤسسات الرسمية فذلك تجاوز يجب أن يُواجَه بالمنطق والقانون.

ولكن المخجل فعلاً ما صدر عن بعض الإعلاميين والجماهير الهلالية الذين تعاملوا مع الموقف بمنطق الإقصاء وانهالوا بالشتائم والتخوين والتهديد لا على من صرّح فحسب بل على كل من وافقه أو لم يخالفه علناً !!

الناقد ليس عدواً.. والمشجع الواعي لا يتخندق

التعصب الرياضي لا يجب أن يُترجم إلى عداوات شخصية ولا إلى تصنيفات تعسفية تسلب الآخرين حقهم في التعبير، فالناقد الذي يوجّه ملاحظاته لإدارتك أو لاعبيك ليس بالضرورة حاقداً أو مندساً بل قد يكون أكثر غيرة على النادي منك.

فهناك فرق كبير بين المشجع الواعي الذي يقبل النقد ويبني عليه والمشجع العاطفي الذي يرى في كل رأي مخالف خيانة وجريمة.

فهذا الأسلوب لا يقتل فقط روح الحوار الرياضي بل يفرغ الساحة من كل رأي حر ويدفع الجماهير للعيش في دوائر مغلقة من التشجيع الأعمى.

نريد رياضة ناضجة.. لا قطيعاً غوغائياً

الرياضة السعودية تشهد اليوم قفزات هائلة على مستوى البنية التحتية والاحتراف والرؤية، ومن المخجل أن تُشوّه هذه الصورة بسلوكيات جماهيرية متطرفة تقفز مباشرة إلى السب والتخوين عند أول اختلاف.

نعم، يحق للإعلامي أن ينتقد

ويحق للمشجع أن يرد..

لكن لا يحق لأحد أن يعتدي لفظياً أو أن يُسقط على النوايا أو أن يُخوّن أبناء الوطن.

فمتى ننضج رياضياً ؟

متى نكف عن تقسيم الساحة إلى أبيض وأسود.. ومتى نتوقف عن إحراج كل صوت حر لأنه فقط لم يقل ما نريد سماعه.. ومتى يصبح الاختلاف قيمة مضافة لا تهمة جاهزة ؟

نحن بحاجة إلى رياضة أكثر وعياً وأقل ضجيجاً وبيئة تقبل بالنقد وتدير الحوار باحترام لا بصوت القطيع والتعصب المذموم.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version