بقلم: يورونيوز
نشرت في
أطلقت الحكومة الفرنسية مقترحًا مثيرًا للجدل يقضي بإلغاء اثنتين من العطل الرسمية في البلاد، في محاولة لسد عجز الميزانية. لكن تجارب دول أخرى، إلى جانب دراسات اقتصادية، تُظهر أن الخطوة قد لا تثمر كثيرًا من الناحية الاقتصادية.
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو اقترح إلغاء عطلة “إثنين الفصح” وأحد الأعياد الأربعة في شهر أيار/مايو، معتبرًا أن كثرة العطل خلال ذلك الشهر تجعل منه كـ”جبنة الغرويير” المليئة بالفراغات. ويأمل بايرو أن يؤدي العمل يومين إضافيين سنويًا إلى زيادة الناتج الاقتصادي وإيرادات الدولة.
تجارب دولية تُضعف الحجة الاقتصادية
في عام 2023، ألغت الدنمارك عطلة “يوم الصلاة الكبرى”، وهي عطلة دينية تعود للقرن السابع عشر، الأمر الذي أثار اعتراضًا شعبيًا واسعًا. وعلى الرغم من أن ساعات العمل لم تتراجع كثيرًا مقارنة بسنوات سابقة، إلا أن تأثير هذه الخطوة على الناتج المحلي كان ضئيلًا جدًا، حيث قدره صندوق النقد الدولي بين 0.01% و0.06%.
وبحسب وكالة الإحصاء الفرنسية (INSEE)، فإن خطة بايرو المتوقعة لن ترفع الناتج المحلي الفرنسي إلا بنسبة مماثلة تقريبًا تبلغ 0.06%، مما يشير إلى أن الأثر الاقتصادي سيكون هامشيًا للغاية.
فوائد العطل تتجاوز الإنتاج
رغم أن العطل تبطئ الإنتاج، خصوصًا في الصناعات التحويلية، إلا أنها تلعب دورًا مهمًا في دعم الصحة النفسية والجسدية، فضلًا عن مساهمتها في تنشيط قطاعات مثل السياحة.
دراسة شملت 101 دولة أعدها مركز الدراسات المستقبلية لسوق العمل في ماليزيا عام 2023، أشارت إلى أن النمو الاقتصادي يرتفع مع زيادة عدد العطل، لكنه يبدأ بالتراجع بعد الوصول إلى 9 أو 10 أيام عطلة في السنة، وهو ما اعتبرته الدراسة “النقطة المثلى”.
دروس من إيطاليا وألمانيا والبرتغال
أظهرت دراسة أجريت على الاقتصاد الإيطالي، المشابه لفرنسا من حيث اعتماده على قطاع الخدمات وامتلاكه 12 عطلة رسمية سنويًا، أن الناتج المحلي لم يتراجع في السنوات ذات العطل الإضافية، بل شهد ارتفاعًا طفيفًا. وعلّق الباحث فرانشيسكو ماريا إسبوزيتو، الأستاذ المساعد في كلية إدارة الأعمال بجامعة برمنغهام: “الشركات تحدد أهداف إنتاجها وتتكيف مع تقويم العطل”.
أما في ألمانيا، حيث تختلف العطل بين الولايات من 10 إلى 13 يومًا، فقد وجد معهد السياسة الاقتصادية الكلية (IMK) في دوسلدورف أن الولايات التي أضافت عطلة شهدت نموًا اقتصاديًا أعلى من تلك التي ألغت إحداها. وقال مدير المعهد سيباستيان دولين: “المعادلة التي تربط بين عدد أقل من العطل ونمو اقتصادي أكبر لا تصمد أمام الأدلة”.
تجربة البرتغال تقدم مثالًا مشابهًا، إذ ألغت الحكومة أربع عطل خلال أزمة الديون في 2012، لكنها أعادت العمل بها بعد أربع سنوات فقط.