بدأت السلطات في مالي، الاثنين الماضي، في إعادة مخطوطات مدينة تمبكتو التي كانت قد نقلت عام 2012 في ظروف استثنائية إلى باماكو، على يد أمناء المكتبات والجمعيات والسكان، لإنقاذها من التدمير الذي لحق بالمدينة في تلك السنة بسبب الاقتتال بين الحكومة والجماعات المسلحة.

ومن بوابة معهد أحمد بابا للدراسات والبحوث الإسلامية في تمبكتو، دخلت أول شاحنة وعلى متنها 200 صندوق نقلت جوا من العاصمة باماكو لإعادتها للمدينة بعد 13 عاما من حفظها خارجها.

وتأتي هذه الخطوة استجابة لدعوات أطلقها أمناء المكتبات والسكان والجمعيات الثقافية المعنية بالمحافظة على الثقافة والتراث في المدن الأثرية.

ووصف ألفا صالح ممثل منظمة المحافظة على التراث الإسلامي هذا الحدث بأنه انتصار لمدينة تمبكتو التي تعتبر المخطوطات هويتها البارزة.

وكانت مدينة تمبكتو تضم 500 ألف مخطوط في مجالات الفقة الإسلامي والأدب العربي، وعلوم الطب والفلك، لكن بعد المعارك عام 2012 وخروجها عن إرادة الحكومة الرسمية في باماكو تعرضت مكتباتها للسرقة والتهريب، والتدمير في بعض الأحيان.

ووفقا لمعلومات صادرة من أمناء المكتبات فإن سنة 2012 شهدت تدمير 9 أضرحة، وسرقة 4 آلاف مخطوط على يد المسلحين المتشددين.

وقال ألفا صالح إن الجهود المنسقة مكنت في السنوات الماضية من نقل 400 ألف مخطوط، في حين عادت منها في الوقت الحالي إلى معهد أحمد بابا 39 ألف مخطوط.

جوهرة الصحراء ومخزن المعارف

وتعهدت السلطات بمواصلة إرسال المخطوطات إلى المدينة عندما تتوفر الظروف المناسبة لذلك، بينما يخشى أصحاب المكتبات من السرقة في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة.

وتعتبر تمبكتو مدينة تاريخية في دولة مالي، وتلقب بـ”مدينة الأولياء” و”جوهرة الصحراء”، وهي مركز يرمز إلى الإشعاع الثقافي للحضارة الإسلامية في منطقة غرب أفريقيا.

وتضم العديد من المعالم الأثرية كالمكتبات والمساجد العتيقة التي من أشهرها مسجد جينكريبر (أو جنغراي بير) الذي صنفته اليونسكو عام 1992 ضمن قائمة التراث العالمي.

تحت المجهر | تنبكتو.. جوهرة الصحراء

وتذكر المصادر التاريخية أن المسجد تم بناؤه على يد المهندس المعماري والشاعر الأندلسي أبو إسحاق الساحلي الذي استقدمه السلطان الفقيه المعروف بملك الذهب “منسا موسى” بعد عودته من الحج، فشكل ذلك بداية لدخول الفن المعماري الأندلسي في منطقة الصحراء الأفريقية.

وعلى مر العصور، اشتهرت مدينة تمبكتو بكونها ملتقى لطرق القوافل التجارية التي تجوب الصحراء الأفريقية الكبرى، إذ فيها كانت تتبادل البضائع القادمة من شمال أفريقيا وشرقها، بالسلع المتوفرة في جنوب الصحراء وغربها.

وقد خرج من المدينة الكثير من العلماء الذين ذاع صيتهم في الأقطار الإسلامية مثل العلامة أحمد بابا التمبكتي، وزارها ابن بطوطة في منتصف القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version