اعلان

لأكثر من ثلاث سنوات، قضى الزوجان الفرنسيان سيسيل كولر وجاك باريس خلف أسوار سجن إيفين سيئ السمعة في طهران، بعد اتهامهما من قبل السلطات الإيرانية بـ”التجسس”. في هذا السجن، الذي يُعرف بممارسات التعذيب والإعدامات، أمضيا سنوات من الاعتقال القاسي.

لكن الضربة الجوية التي استهدفت السجن في 23 يونيو/حزيران كانت بمثابة الكابوس الذي تخشاه عائلة كولر. تقول نويمي، شقيقة سيسيل: “عشنا ساعات من الذعر، لا نعلم إن كانا قد أُصيبا أو حتى ما إذا كانا لا يزالان على قيد الحياة”. وأضافت: “في المساء، أبلغت السلطات الإيرانية وزير الخارجية الفرنسي بأنهما لم يتعرضا لأذى، لكننا حتى اللحظة لم نتلقَّ أي إشارة حقيقية تؤكد سلامتهما”.

في أعقاب الضربة، أعلنت السلطات الإيرانية نقل عدد من السجناء إلى مواقع أخرى، دون توضيح ما إذا كان كولر وباريس من بينهم. تقول نويمي: “نجهل مصيرهما، ولم نتلقَ أي خبر بشأن موقع احتجازهما الجديد، وهذا الغموض يزيد من قلقنا”.

يُذكر أن سيسيل، أستاذة أدب تبلغ من العمر 40 عامًا، وزوجها جاك، أستاذ رياضيات متقاعد يبلغ 71 عامًا، كانا معتقلَين في القسم 209 من سجن إيفين، المخصص للسجناء السياسيين والأجانب. وقد أجبرا، في أكتوبر 2023، على الإدلاء بـ”اعترافات” على التلفزيون الإيراني، اعترفا فيها تحت الضغط بأنهما يعملان لصالح الاستخبارات الفرنسية، وفق ما تؤكده عائلتهما، التي تقول إنهما كانا في رحلة سياحية وقت اعتقالهما في 7 مايو/أيار 2022.

آخر تواصل بين نويمي وشقيقتها كان في 28 مايو 2025، عبر مكالمة واتساب قصيرة، مدتها لا تتجاوز عشر دقائق، وتحت مراقبة صارمة. وتشرح نويمي أن المكالمات “نادرة وعشوائية، وتخضع بالكامل لسلطة السجّانين”، مضيفة: “في كل مرة نراها مرتدية شادور ضيّق، ويبدو من لغة جسدها ومن الأصوات حولها أنها ليست وحدها، وكأنها تحت رقابة دائمة”.

ومنذ اعتقالهما، لم تُمنح العائلة سوى أربع زيارات قنصلية. وفي 16 مايو، رفعت الحكومة الفرنسية شكوى إلى محكمة العدل الدولية، معتبرة أن كولر وباريس “رهينتان” لدى طهران، متهمة إيران بانتهاك اتفاقية فيينا المتعلقة بالحق في الحماية القنصلية.

وعلى إثر الضغوط، تم السماح بزيارة قنصلية خامسة في 30 مايو. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها العائلة، فإن الزوجين لا يزالان بلا أثاث، ينامان على الأرض في زنزانة مغلقة بلا نوافذ، تُضاء على مدار 24 ساعة، ولا يُسمح لهما بالخروج إلا ثلاث مرات أسبوعيًا لفترة قصيرة لا تتجاوز ثلاثين دقيقة.

تقول نويمي إن وضعهما الصحي والنفسي يتدهور بشكل متسارع: “يعيشان تحت ضغط مستمر منذ ديسمبر 2024، في انتظار حكم أخبِرا بأنه سيكون صارمًا وقريبًا، لكنه لم يصدر حتى الآن. إنّه تعذيب نفسي حقيقي”.

وفي 21 يونيو، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر منشور على منصة X، إلى الإفراج الفوري عنهما خلال مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الإيراني المنتخب حديثًا، مسعود بيزشكيان، واصفًا احتجازهما بـ”الظالم وغير الإنساني”، وقال: “أتوقع عودتهما إلى فرنسا في أقرب وقت”.

يُشار إلى أن كولر وباريس هما آخر مواطنَين فرنسيين معروفين بأنهما لا يزالان محتجزَين في إيران، بعد إطلاق سراح أوليفييه غروندو في مارس 2025، الذي اعتُقل هو الآخر عام 2022.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version