«لم أصدق أنني أضع ابني في القبر»، بهذه الكلمات المؤلمة بدأ المواطن (أبوعمر) حديثه عن ابنه الذي فقده قبل أربع سنوات، نتيجة جرعة زائدة من المخدرات، وهي نهاية مأساوية ومؤلمة أتت نتيجة صحبة رفقاء السوء، والانجراف إلى دائرة مظلمة من الانحراف والضياع.

وروى الأب – الذي اختارت له شرطة دبي اسم (أبوعمر)، حفاظاً على خصوصية أسرته في أولى حلقات بودكاست «متعافي» بعنوان «صرخة ألم ونداء»، التي أطلقتها للتوعية بمخاطر آفة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وتأثيراتها في الأسرة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام – قصة بداية تعاطي ابنه للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي كانت نتيجة صحبته لرفقاء السوء، وما تلا ذلك من مراحل وتبِعات انتهت بالخبر الصادم بإعلان وفاته جرّاء جرعة زائدة.

يقول الأب: «ابني كان شاباً ملتزماً، أرافقه إلى المدرسة، يعيش بيننا وتحت مراقبة مستمرة، لم يكن يظهر عليه أي شيء غير طبيعي، لكن كلما كبر كانت سلوكياته تتغيّر تدريجياً، وبدأت أشك أنه يتعاطى شيئاً، لكن لم يكن لديّ أي دليل»، وأضاف: «البداية الحقيقية كانت في يوم امتحان الثانوية العامة، عندما تغيّب ابني وخرج مع صديق له لم نكن نعرفه، ليقع لهما حادث سيارة مأساوي، وظل الولد داخل المركبة المشتعلة لأكثر من أربع ساعات ولم يذهب إلى المدرسة، وكانت هذه أول صدمة لنا».

وأكمل: «قررت العائلة اصطحابه للعلاج خارج الدولة، وهناك تلقينا صدمة جديدة، حيث أخبرتنا طبيبة التخدير أن جسده لا يتجاوب مع البنج، وقد قالت لي الطبيبة من المؤكد أن ابنك يأخذ شيئاً، لأن جسمه لا يتفاعل كالأشخاص الطبيعيين.. واجهته وقتها لكنه أنكر تعاطيه، ومع تكرار الحديث قررت العائلة عدم الضغط عليه نفسياً، وكنا نظن أننا نحتويه، لكن هذا كان أول خطأ، ولم نبلغ أحداً، وقلنا لنستر عليه، وكان هذا التستر هو بداية الانهيار، وبعد العودة إلى الدولة، لاحظت أن ابني أصبح منعزلاً في غرفته طوال اليوم، يلعب طوال الليل على (البلاي ستيشن)، ويذهب إلى المدرسة فقط، لكنني اكتشفت لاحقاً أنه يتغيب عنها».

وتابع: «في أحد الأيام قررت تفتيش غرفته فكانت الصدمة الكبرى، وجدت أدوات تعاطٍ، كالإبر، والحبوب، وواجهنا الولد واعترف، واعتذر، وقلنا نحتويه ونعالجه، لكن هذا الاحتواء كان خطأً جديداً، لأننا لم نبلغ الجهات المعنية»، وأضاف: «ظننا أن المخدرات انتهت من حياته، لكنه كان يحصل عليها من أصدقاء لا نعرفهم، ويوصلونها له إلى البيت، من دون أن يعطيهم مالاً، وكان عمره وقتها 18 سنة فقط، واستمر في التعاطي رغم محاولات العلاج والاحتواء، وكان يعدنا بالتوقف ثم يعود مجدداً، ونجح رغم ذلك في إنهاء الثانوية العامة بنسبة مرتفعة، وكان يحلم بالانضمام إلى الشرطة، لكن الحادث وآثاره الصحية منعاه من ذلك».

وأضاف: «قطعنا عنه المصروف، ومنعناه من الخروج، وحددنا تحركاته، لكن المخدرات كانت تصله بطرق لا نفهمها.. أدخلناه مركز إرادة للعلاج، لكنه كان يهرب منه، وفي أحد الأيام، بعدما تأكدت أنه عاد للتعاطي، قررت أن أبلغ عنه بنفسي، وقلت ينبغي أن أنقذه من الموت، لكن المفاجأة أن الشرطة قالت إن له سوابق مسجلة تحت تأثير المخدرات، وكنا نجهلها تماماً، وتم حبسه، ثم خرج لاحقاً وعاد إلى الإدمان من جديد، لكن هذه المرة بشكل متقدم، حتى وصل به الأمر إلى الوفاة نتيجة جرعة زائدة».

وأردف: «ابنك بدل ما يشيل أمانتك ويدفنك، أنت اللي تدفنه بيدك، ولم أكن أتخيل أو أصدق أن أضع ابني في القبر وهذا الشيء اللي خلاني أتكلم، يمكن الله، سبحانه وتعالى، اختارني لهذا السبب، لأكون سبباً في إنقاذ غيره».

وختم حديثه داعياً أولياء الأمور إلى عدم التهاون في متابعة أبنائهم، محذراً من مخاطر تجار المخدرات ومروّجيها ورفقاء السوء الذين يستغلون لحظات الغفلة والضعف، قائلاً: «لا تنتظروا حتى تقع الكارثة، ولا تقولوا هذا يفضحنا أو يُسيء لسمعة العائلة، خافوا على عيالكم، وكونوا قريبين منهم، راقبوهم واحتووهم، والإدمان مرض، والتستر عليه لا ينقذ، بل يُهلك، وتعاونوا مع الجهات المعنية من البداية، فأحياناً خطوة واحدة صحيحة في الوقت المناسب تُنقذ حياة كاملة».

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share

تويتر


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version