Published On 8/9/2025
|
آخر تحديث: 12:56 (توقيت مكة)
كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني يغيّر بنية القلب وأنظمة الطاقة فيه بشكل مباشر، مقدّمة رؤى حول أسباب زيادة خطر الإصابة بقصور القلب لدى مرضى السكري حتى في حالة عدم وجود انسداد في الشرايين.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة سيدني بأستراليا، ونشرت نتائجها في مجلة “الطب الجزيئي إي إم بي أو” (EMBO Molecular Medicine) في 4 أغسطس/آب الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
يلحق مرض السكري الضرر بالجسم بصمت مع مرور الوقت، ولاحظ الأطباء لعقود معاناة مرضى السكري من حالات قصور القلب أكثر من غيرهم، ولكن السبب الدقيق لذلك بقي غير واضح.
وحلل الدكتور بنجامين هانتر والدكتور شون لال، من كلية العلوم الطبية من جامعة سيدني بأستراليا، أنسجة قلب بشرية متبرّعا بها من مرضى خضعوا لعملية زراعة قلب في سيدني، ووجدا أن مرض السكري يسبب تغيرات جزيئية مميزة في خلايا القلب وفي بنية العضلات، خاصة لدى مرضى اعتلال عضلة القلب الإقفاري، وهو السبب الأكثر شيوعا وراء حدوث قصور القلب.
وتظهر النتائج أن مرض السكري يغيّر طريقة إنتاج القلب للطاقة، ويحافظ على بنيته تحت الضغط. وتمكّن الباحثون، باستخدام تقنيات مجهرية متقدمة، من رصد تغيرات مباشرة في عضلة القلب نتيجة لذلك على شكل تراكم للأنسجة الليفية.
يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى الغلوكوز إلى تصلب البروتينات الموجودة في عضلة القلب، ومع مرور الوقت تتراكم حتى التغيرات الطفيفة، مما يعيد تشكيل القلب بطرق يصعب اكتشافها حتى ظهور الأعراض.
وتبرز هذه النتائج بالنسبة للأطباء أهمية مراقبة القلب والأوعية الدموية مبكرا لدى مرضى السكري.
وقال الدكتور لال “يربط البحث بين أمراض القلب ومرض السكري بطرق لم تكتشف من قبل بين البشر، مما يقدّم رؤى جديدة حول إستراتيجيات علاجية محتملة قد تفيد ملايين الأشخاص في أستراليا وحول العالم”.
الوصول إلى جوهر المشكلة
فحص الباحثون أنسجة القلب من متلقين لزراعة أعضاء ومتبرعين أصحاء، واكتشفت الدراسة أن مرض السكري ليس مجرد مرض يصاحب أمراض القلب، بل يتسبب في تفاقم مرض قصور القلب بشكل فعال من خلال تعطيل العمليات البيولوجية الرئيسية وإعادة تشكيل عضلة القلب على المستوى المجهري.
وصرح الدكتور هانتر “لم يُفهم تأثير العملية الأيضية لمرض السكري على القلب بشكل كامل لدى البشر”.
وأضاف “يستخدم القلب السليم في الوضع الطبيعي الدهون بشكل أساسي، بالإضافة إلى الغلوكوز والكيتونات، كوقود للطاقة. وقد عرف سابقا أن امتصاص الغلوكوز يزداد في حالات قصور القلب، إلا أن مرض السكري يقلل من حساسية ناقلات الغلوكوز، وهي بروتينات تنقل الغلوكوز من وإلى الخلايا، للأنسولين في خلايا عضلة القلب”.
ولاحظ الباحثون أن مرض السكري يزيد الخصائص الجزيئية لقصور القلب لدى مرضى القلب في المراحل المتقدمة، ويزيد الضغط على الميتوكوندريا، وهي مركز توليد الطاقة في الخلية.
كما لاحظ الباحثون انخفاضا في إنتاج البروتينات البنائية الضرورية لانقباض عضلة القلب والتعامل مع الكالسيوم لدى مرضى السكري ومرض القلب الإقفاري، إلى جانب تراكم أنسجة القلب الليفية القاسية، مما يؤثر سلبا على قدرة القلب على ضخ الدم.
ووضح هانتر أن تسلسل الحمض النووي الريبي يؤكد أن العديد من هذه التغيرات البروتينية انعكس أيضا على مستوى نسخ الجينات، وخاصة في المسارات المتعلقة بعملية أيض الطاقة وبنية الأنسجة، مما يعزز الملاحظات والاستنتاجات الأخرى.
وبمجرد الحصول على هذه الأدلة على المستوى الجزيئي، تمكن الباحثون من تأكيد هذه التغيرات البنائية والتشكيلية باستخدام المجهر.