قال تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن مسؤولين تنفيذيين كبارا في قطاع التعدين حذروا من أن رسوم دونالد ترامب على النحاس تُهدد بتعزيز هيمنة الصين على قطاع الصهر بدلا من تشجيع معالجة المعادن في الولايات المتحدة.

وتُعدّ الرسوم البالغة 50% على بعض واردات النحاس -والتي أُعلن عنها الأسبوع الماضي- جزءا من مساعي الرئيس الأميركي لتطوير صناعة محلية وإنهاء اعتماد أميركا على الصين في العديد من المعادن الأساسية.

لكن المسؤولين التنفيذيين والمحللين في قطاع التعدين قالوا إن رسوم النحاس لن تكون كافية لتوفير حافز لمصاهر النحاس الأميركية الجديدة، وهي منشآت كثيفة الاستهلاك للطاقة استثمرت فيها الصين مبالغ طائلة.

ولدى الولايات المتحدة مصهران عاملان فقط، بينما تمتلك الصين العشرات.

ونقلت فايننشال تايمز عن دنكان وانبلاد، الرئيس التنفيذي لشركة التعدين الكبرى “أنغلو أميركان”، قوله -بعد الإعلان عن تفاصيل الرسوم- إن تكلفة بناء مصاهر النحاس في الولايات المتحدة ستكون “مرتفعة بشكل غير عادي مقارنة بالمتوسط”.

وأضاف “عندما تتلاشى هذه التداعيات، سيتبين أن كل ما فعلناه هو ترسيخ بيئة تضخمية أكثر بكثير على المستوى العالمي”.

ترمب يعتزم تطبيق 50% رسوما على واردات النحاس ويبحث رسوما إضافية على الأدوية

طاقة غير كافية

وقال رئيس مجموعة “فورتسكيو ميتالز” الأسترالية للتعدين أندرو فورست إن الرسوم الجمركية “ستمنع نمو التصنيع في أميركا الشمالية” وستؤدي إلى “تصدير” الوظائف والصناعة، مضيفا أن تلك الرسوم “إيذاء للنفس”.

وفي حين أن الولايات المتحدة تُنتج بعض خام النحاس، فإنها لا تملك طاقة صهر كافية لتكرير كل النحاس الذي تستهلكه.

وأعلن البيت الأبيض في 30 يوليو/تموز أن رسوما جمركية بنسبة 50% ستُطبق على منتجات النحاس شبه المصنعة مثل الأنابيب والأسلاك والكابلات، لكنه استثنى معدن النحاس المكرر من الضريبة، وهي خطوة صدمت الأسواق.

وحسب مجموعة دراسة النحاس الدولية، استحوذت الصين ابتداء من عام 2023 على أكثر من 50% من إنتاج مصاهر النحاس العالمية، تليها اليابان بنسبة 7% وتشيلي بنسبة 5% وروسيا بنسبة 4%.

ونصّ الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب الأسبوع الماضي على ضرورة فرض الرسوم الجمركية نظرا “للتهديد المستمر بإغلاق المزيد من منشآت إنتاج النحاس المحلية”، إلى جانب “الممارسات التجارية غير العادلة في الخارج”، التي “أضعفت تكرير وصهر النحاس في الولايات المتحدة”.

تحد كبير

لكن كاثلين كويرك، الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة “فريبورت ماكموران” الأميركية لإنتاج النحاس، قالت في يوليو/تموز إنه “ليس من المؤكد إمكانية تحقيق إنتاج عال من النحاس المكرر بسرعة كبيرة”، مضيفة أن بناء مصهر جديد في الولايات المتحدة سيكون “تحديا كبيرا”، مشيرة إلى أنها استثمارات طويلة الأجل.

وأعربت شركة “نورسك هيدرو” الأوروبية لإنتاج الألمنيوم عن هذه المخاوف، مشيرة إلى أن الاستثمار في المصاهر “لا يمكن أن يتم على أساس التعريفات الجمركية وحدها، والتي قد تختفي بسرعة”.

وأدى ارتفاع طاقة صهر النحاس الصينية إلى نقص في الخام الذي يغذي المنشآت، حتى إن بعض المصاهر تدفع تكاليف معالجة الخام لمواصلة العمل بالنظر إلى كلفة المنشآت وصعوبة إيقافها، وغالبا ما لا يُعاد تشغيلها بعد ذلك.

واضطرت مصاهر أخرى إلى الإغلاق بسبب المنافسة من الصين، بما في ذلك مصهر “باسار” التابع لشركة “غلينكور” في الفلبين، وقال أحد المديرين التنفيذيين إنه إذا اضطرت المصاهر إلى دفع ثمن الخام، فإن المزيد منها خارج الصين لن تصمد.

وقال إيرك هايمليش رئيس قسم إمدادات المعادن الأساسية في مجموعة تحليل السوق “سي آر يو” إن الطاقة الإنتاجية الصينية ستستمر في النمو بينما قد تتقلص الطاقة الإنتاجية في أماكن أخرى.

وأضاف أن “الجهات الفاعلة المملوكة للدولة (الصينية)، وهي الجهات الفاعلة الكبرى، قادرة على تحمل ظروف السوق القاسية لفترة طويلة جدا”، وفي يونيو/حزيران ارتفع نشاط صهر النحاس في الصين 1% وانخفض بأكثر من 2% في أماكن أخرى، وفقا لشركة البيانات “إيرث آي”.

وقال أحد تجار النحاس إنه لكي تتمكن الولايات المتحدة من بناء قطاع نحاس محلي مكتف ذاتيا، ستحتاج إدارة ترامب إلى تسريع إصدار تراخيص لمنشآت جديدة، وتشجيع بناء المصاهر بدعم طويل الأجل مثل الإعفاءات الضريبية، وحظر تصدير خردة النحاس، التي تذهب كميات كبيرة منها إلى الصين، مضيفا أن “الرسوم الجمركية وحدها لن تُجدي نفعا”.

وفي إطار إعلان الرسوم الجمركية هذا الأسبوع، قالت الإدارة الأميركية إنها ستشترط بيع ربع خردة النحاس عالية الجودة المنتجة في الولايات المتحدة محليا.

وقال دانيال هاينز كبير إستراتيجيي السلع في بنك “إيه إن زد” إن “العقبات التي يضعها ترامب أمام السوق الأميركية ستُسهل على الصين على المدى الطويل تعزيز هيمنتها في العديد من هذه الأسواق”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version