تمكنت المضادات الحيوية المنتجة من التخلص من العديد من سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، والتي تسبب بعض أخطر أنواع العدوى المكتسبة من المستشفيات

قام باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية بتعديل وراثي لنبات التبغ لإنتاج إنزيم يزيد من فاعلية المضادات الحيوية. وأظهرت المضادات الحيوية النباتية القدرة على قتل العديد من مسببات الأمراض، بما في ذلك البكتيريا المقاومة لهذه المضادات.

وحسب البيان الصحفي للجامعة، والمنشور بتاريخ 9 مايو/أيار الجاري، فإن إنتاج الأدوية باستخدام النباتات كان أكثر كفاءة بمقدار 3.5 مرات في إنتاج المضادات الحيوية وأكثر صداقة للبيئة مقارنة بالطرق الكيميائية التقليدية.

الصيدلة البيولوجية

وفي دراستهم المنشورة في دورية “نيتشر كوميونيكاشنز” (Nature Communications) تمكن الباحثون من تحويل نباتات التبغ إلى مصانع للمضادات الحيوية باستخدام تقنية الصيدلة البيولوجية (Biopharming).

وتتميز هذه التقنية الجديدة بأنها لا تولّد أيا من النفايات الخطرة المرتبطة بمنصات الإنتاج الأخرى، ويمكن أن يقدم الإنتاج الواسع النطاق للمضادات الحيوية من النباتات بديلا أكثر خضرة للإنتاج الصيدلاني التقليدي.

وأظهر البحث بعد حساب جميع نفقات التصنيع أن هذه النباتات كان بإمكانها إنتاج 10 مليغرامات من الببتيدات المضادة للميكروبات بتكلفة أقل من 0.74 دولار.

وهذه التكلفة أقل بكثير من تكلفة الإنتاج بالطرق الأخرى التي تبلغ ألف دولار أميركي في الشركات التجارية التي تصنّع الببتيدات كيميائيا.

ويقول الدكتور مجدي محفوظ، أستاذ الهندسة الحيوية الذي قاد الدراسة في البيان الصحفي للجامعة، “يمكن زراعة هذه النباتات على نطاق واسع، مما يوفر مصدرا موثوقا وفعالا من حيث التكلفة للأدوية للناس في جميع أنحاء العالم”.

صديقة للبيئة

نجح الباحثون بتحويل تبغ بنثاميانا (Nicotiana benthamiana)، وهو نوع من أنواع نباتات التبغ، إلى إنتاج ببتيدات لها نشاط مضاد حيوي ضد بعض أكثر مسببات الأمراض شهرة في الطب، كما فعل آخرون في الماضي.

ولكن على عكس الجهود السابقة لتحويل النباتات إلى مفاعلات حيوية لإنتاج الأدوية، قام الباحثون بتعديل نباتاتهم للتعبير عن إنزيم موجود في الفئران، معروف باسم إنزيم “بام” (PAM)، وهو إنزيم يعزز الاستقرار ويطيل من نشاط الببتيدات المضادة للميكروبات.

وبفضل النباتات المعدلة وراثيا، يتم إنتاج عقاقير فعالة بتكلفة تصنيع أقل بكثير من تلك التي تُنتج عن طريق أنظمة أخرى، مما يوفر فائدة إضافية تتمثل في تقديم طريقة صديقة للبيئة لإنتاج الأدوية.

وأظهر فريق البحث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، الذي شمل المهندسين البيولوجيين شارلوت هاوزر وسمير حمدان، وعالم الأحياء الدقيقة باي-ينغ هونغ ومتعاونين من كندا، أن الببتيدات المضادة للميكروبات المصنوعة بهذه الطريقة يمكن أن تقتل العديد من مسببات الأمراض الخطيرة.

وبفضل هذه الطريقة، تمكنت المضادات الحيوية المنتجة من التخلص من العديد من سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، والتي تسبب بعض أخطر أنواع العدوى المكتسبة من المستشفيات، كما أنها آمنة لخلايا الثدييات، مما يشير إلى أنه يمكن استخدامها بأمان في البشر.

منصة فعالة ومستدامة

ويمثل هذا الاكتشاف تقدما هائلا في مجال العلاجات الحيوية، ويفتح آفاقا واسعة للبحث في مجال الإنتاج الحيوي للأدوية. ويمكن للنباتات المصممة لإنتاج الببتيدات العلاجية أن توفر منصة فعالة من حيث التكلفة ومستدامة لتصنيع الأدوية.

ويخطط محفوظ وزملاؤه لصنع أنواع أخرى من العلاجات بنفس الطريقة، وقال “من خلال تسخير قوة التصنيع الحيوي الجزيئي، يمكننا الآن إنتاج علاجات إكلينيكية عالية الجودة بجزء بسيط من تكلفة طرق التصنيع التقليدية”.

من ناحيته، قال شاهيد تشودري، الحاصل على درجة الدكتوراه والباحث الأول للدراسة “نعتزم الآن استخدام هذه التكنولوجيا لإنتاج مجموعة واسعة من المستحضرات الدوائية والعلاجات الحيوية”.

وعلى الرغم من الفوائد المحتملة للنباتات المعدلة وراثيا، فإن هناك مخاوف حول سلامتها وآثارها على البيئة. ومن الضروري التأكد من معالجة هذه المخاوف وضمان السيطرة على هذه التقنية بأمان قبل استخدامها على نطاق واسع.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الخليج مباشر. جميع حقوق النشر محفوظة. تصميم سواح سولوشنز.