كشفت دراسة جديدة أن تغير المناخ يتسبب في ارتفاع وتيرة درجة حرارة أيام الصيف في شمال غرب أوروبا بمعدل ضعف متوسطها، ويبدو هذا الاختلاف أكثر وضوحا في إنجلترا وويلز وشمال فرنسا.

ووفقا للدراسة -التي نشرت يوم 17 مايو/أيار الجاري في دورية “جيوغرافيكال ريسيرش ليترز” (Geographical Research Letters)- تشير النتائج إلى أن الأحداث الشديدة الحرارة، مثل موجة الحر التي حطمت الرقم القياسي في المملكة المتحدة الصيف الماضي، من المرجح أن تصبح أكثر انتظاما.

وعلاوة على ذلك، اكتشف الخبراء أنه على الرغم من أن النماذج المناخية الحالية تتنبأ بدقة بارتفاع متوسط أيام الصيف، فإنها تقلل إلى حد كبير من معدل ارتفاع درجات الحرارة في الأيام الحارة مقارنة بملاحظات الحياة الواقعية.

تضاعف عدد الأيام الحارة

وقال مؤلف الدراسة “ماثيو باترسون” -زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في علم المناخ في جامعة أكسفورد البريطانية- إن النتائج تؤكد على حقيقة أن المملكة المتحدة والدول المجاورة لها في غرب أوروبا تعاني بالفعل من آثار تغير المناخ، وأن موجة حر العام الماضي لم تكن مجرد صدفة، وهو ما يجب أن يدفع صانعي السياسات إلى تكييف بنيتهم التحتية وأنظمتهم الصحية للتعامل مع تأثيرات درجات الحرارة المرتفعة.

وأضاف “باترسون” في تصريح للجزيرة نت أن تحليل البيانات من السنوات الستين الماضية (1960-2021) بتسجيل أقصى درجة حرارة يومية، كشف أنه في حين أن درجة الحرارة القصوى المسجلة تختلف بين السنوات، فإن الأيام الشديدة الحرارة في شمال غرب أوروبا قد تزايد عددها بمعدل ضعفي معدل الأيام الحارة في السنوات السابقة.

ويوضح المؤلف “على سبيل المثال، بينما زاد متوسط درجات الحرارة في أيام الصيف في إنجلترا وويلز بنحو 0.26 درجة مئوية لكل عقد، زادت درجات الحرارة في الأيام الحارة بمقدار 0.58 درجة مئوية لكل عقد. ولم تتم ملاحظة هذا الاحترار الأسرع في الأيام الحارة إلى هذا الحد في مناطق أخرى في نصف الكرة الشمالي”.

ووفقا لباترسون، قد يكون السبب وراء هذا الاحترار الأسرع مرتبطا بالهواء الساخن المنقول شمالا من إسبانيا، نظرا لارتفاع درجة حرارة إسبانيا بشكل أسرع من البلدان الواقعة في شمال غرب أوروبا، ومن ثم فإن الهواء المنقول من هذه المنطقة يكون أكثر سخونة بكثير من هواء الشمال.

وقد حدثت هذه الظاهرة في عام 2022، عندما أدى تدفق الهواء الساخن شمالا من إسبانيا والصحراء الأفريقية إلى موجات حر شديدة.

مخاطر الاحترار

وأشار “باترسون” حسب ما أورده البيان الصحفي المنشور على “موقع يوريك ألرت” (Eurek Alert) إلى أن فهم معدل الاحترار في الأيام الحارة له أهمية كبيرة في تحسين محاكاة نموذج المناخ للأحداث المتطرفة وإجراء تنبؤات دقيقة حول الكثافة المستقبلية لمثل هذه الأحداث.

وقال “إذا قللت نماذجنا من شأن الارتفاع في درجات الحرارة القصوى خلال العقود المقبلة، فإن ذلك يعد استخفافا بالتأثيرات التي ستحدثها”.

ويستطرد “يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة احتمالات الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري والأمراض الأخرى المرتبطة بالحرارة. وهذا مقلق بشكل خاص للسكان المعرضين للخطر مثل كبار السن والأطفال وأولئك الذين يعانون من ظروف صحية”.

كما يمكن أن تؤدي درجات الحرارة الأكثر دفئا إلى زيادة تركيز الملوثات مثل الأوزون في الهواء، مما يؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تعزيز إنتاج المواد المسببة للحساسية مثل حبوب اللقاح، مما يؤدي إلى مواسم حساسية أكثر حدة وطويلة الأمد.

وتشمل تأثيرات الاحترار أيضا، توسيع نطاق النواقل الحاملة للأمراض مثل البعوض والقراد والبراغيث، مما قد يؤدي إلى زيادة الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وداء “لايم” وفيروس “زيكا”.

كما يمكن أن تؤثر التغيرات في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار على توافر وجودة إمدادات المياه والغذاء، فضلا عن مشكلات الصحة العقلية مثل التوتر والقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.

ولتقليل هذه الآثار، يشدد المؤلفون على أهمية تنفيذ إستراتيجيات التخفيف لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وإستراتيجيات التكيف استعدادا للمخاطر الصحية المرتبطة بتغير المناخ والاستجابة لها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الخليج مباشر. جميع حقوق النشر محفوظة. تصميم سواح سولوشنز.