لندن- يرفض النائب عن حزب العمال البريطاني أفضل خان بشدة دعوات حزب المحافظين لانضمام بريطانيا إلى الولايات المتحدة في حرب محتملة ضد إيران، مؤكدا أن هذه الخطوة هي أخطر قرار يمكن لدولة أن تتخذه.

وفي حوار خاص مع الجزيرة نت شدد خان على أن أي تقييم يجب أن يستند إلى مصلحة المملكة المتحدة أولا، وأن الحروب غير المبررة تضر بسيادة القانون الدولي ولها عواقب وخيمة.

ويرى خان أن درس غزو العراق الذي انخرطت فيه بلاده ودور رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير فيه واضحان.

ورغم أن المملكة حليفة قوية لواشنطن فإن النائب يأمل أن تستخدم لندن نفوذها لكبح جماح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودعواته للتصعيد، مؤكدا أن موقف حزب العمال هو خفض التصعيد الحالي مع طهران.

مخاطر

وحذر النائب خان من تكرار أخطاء الماضي في التعامل مع إيران، مشيرا إلى أنها “أظهرت مرونة وقوة خلال حربها مع العراق”، ومؤكدا أن التهديد العسكري لن يدفع الإيرانيين إلى التراجع.

وتحدث عن مخاطر أخرى قال إنها أوسع بكثير من الصراع المسلح بين طهران وتل أبيب، أبرزها:

  • الخطر البيئي والإشعاعي الذي لا يهدد إيران فحسب في حال تدمير منشآتها النووية، بل جميع الدول المجاورة وربما أبعد تبعا لاتجاه الريح.
  • خطر تفكك الدولة، فإيران دولة كبيرة وتعداد سكانها تجاوز الـ90 مليون نسمة، وتفككها سيؤدي إلى فوضى أكبر من تلك التي شهدها العراق، وموجات هجرة ولجوء غير مسبوقة، وقد تستفيد منها تنظيمات مثل تنظيم الدولة الإسلامية.

وأكد النائب عن حزب العمال البريطاني أن التفاوض طريق أكثر أمانا، خاصة بعد العمليات الإسرائيلية الأخيرة “التي أعادت قدرة إيران النووية سنوات إلى الوراء”، مما يفتح نوافذ جديدة للحوار.

وشدد على أن أي عمل عسكري يجب أن يحترم سيادة القانون الدولي، وإلا فإنه يفتح الباب لانهيار هذا القانون عالميا ويخلق سابقة خطيرة.

واعترف بأن حرب العراق أضرت بالحزب وما زال البريطانيون يثيرون هذه القضية، لكنه ليس متأكدا إن كان ذلك هو السبب الوحيد وراء بقائهم خارج السلطة طوال هذه المدة.

أولوية العمال

وحسب خان، فإن الوضع الاقتصادي الحالي في بريطانيا أسوأ بكثير مما كان عليه وقت حرب العراق، وإن الحرب المحتملة مع إيران مكلفة جدا ولها تأثير سلبي عليه، و”لهذا، فإن أولوية حزب العمال هي إنقاذ الاقتصاد، وليس الانجرار إلى صراعات تزيد الأوضاع سوءا”.

وبشأن إمكانية اتخاذ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قرار المشاركة في الحرب دون الرجوع للبرلمان، قال إنه يفضل أن يأتي ستارمر إلى البرلمان ليعرض القضية ويستمع لآراء النواب، لتقييم “مزاج البلاد” والتعامل مع الوضع بما يخدم مصلحتها.

وفيما يتعلق بالانقسام داخل حزب العمال بشأن قضايا الحرب، يرى خان أن اختلاف الرأي صحي في الديمقراطية ولا يقلقه “فالمهم هو التعامل مع الوضع بما يخدم مصلحة بريطانيا”.

وأكد “شخصيا كنت ضد حرب العراق منذ البداية، وفكرة أسلحة الدمار الشامل كانت كذبة، والشعب كان على حق في رفضها”.

وشدد خان على عدم وجود دليل مستقل على امتلاك إيران أسلحة نووية، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة يكرر هذا الادعاء منذ أكثر من 30 عاما، ويرى أن المفاوضات كانت الطريق الأكثر أمانا لمنع انتشار الأسلحة النووية.

ازدواجية المعايير

وعبّر خان عن انزعاجه من ازدواجية المعايير تجاه إيران وإسرائيل “التي تخلق مشاكل عالمية”، “فتل أبيب تمتلك أسلحة نووية ولا تلتزم بالقواعد الدولية ولا توقع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، في حين تقبل طهران بتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وأكد أن حزب العمال تحرك بشكل كبير نحو دعم فلسطين، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، ويرى أن دعم الحزب القضية الفلسطينية أكبر بكثير من جميع الأحزاب الأخرى.

ورفض خان اتهامات التواطؤ مع إسرائيل، مشيرا إلى أن الحزب سيعمل تدريجيا على تغيير سياساته تجاهها، وقد فرض بالفعل حظرا على عدد من تراخيص تصدير الأسلحة وعقوبات على وزراء إسرائيليين.

وبخصوص تصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا، يؤكد خان أن حزب المحافظين “غذى الصوت المتطرف، وأضاف مشروعية للكراهية ضد المسلمين”، وذكّر بأنهم الحزب الوحيد الذي لم يقبل تعريف الإسلاموفوبيا في 2018.

وأشار إلى ارتفاع سنوي في جرائم الكراهية ضد المسلمين، معربا عن خيبة أمله لعدم قيام المجتمعات الأخرى بما يكفي لوقف هذا التدهور.

شاركها.
اترك تعليقاً