طهران- يبدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي -اليوم السبت- جولة تشمل الرياض والدوحة، وذلك قبل يوم واحد من انعقاد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في مسقط.

ووفقا لما أعلنه عراقجي، تهدف الزيارة إلى تبادل وجهات النظر مع دول الجوار، وإطلاعها على آخر تطورات المفاوضات التي تترقبها المنطقة.

وتتزامن هذه التحركات مع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقيام بجولة تشمل السعودية وقطر والإمارات بين 13 و16 مايو/أيار الجاري، وهو ما يضيف بُعدا دوليا جديدا للجهود الإقليمية الرامية إلى تهدئة التوترات.

وتجري الجولة الرابعة من المفاوضات على وقع خلاف حول التسمية الجغرافية للخليج، إذ أعلن ترامب عزمه اتخاذ قرار بشأن التسمية الرسمية التي ستعتمدها الولايات المتحدة، عقب تقارير إعلامية أفادت بنيته إطلاق اسم “الخليج العربي” أو “خليج العرب” على المسطح المائي الذي تصرّ إيران على تسميته “الخليج الفارسي”، مما أثار ردود فعل في طهران.

ويرى خبراء أن هذه القضية تعكس التوترات المتجددة، وتبرز الحاجة إلى مزيد من الحوار والتفاهم المشترك.

تقارب إقليمي

يقول خبير الشؤون الإقليمية محمد بيات إن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى قطر والسعودية تأتي في وقت حساس، وقبيل عقد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وتهدف إلى تبادل الآراء مع الدولتين العربيتين وإطلاعهما على آخر التطورات في المفاوضات، خاصة في ظل ما وصفه بالتقارب الحاصل بين مواقف إيران والدول الخليجية بشأن ضرورة تقليص التوترات في المنطقة.

ورأى بيات -في حديث للجزيرة نت- أن هذا التطور يعكس تحولات جيوسياسية كبيرة في المنطقة، خاصة بعد “السابع من أكتوبر/تشرين الأول”، إذ بات من الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت أكثر تقبلا لفكرة الاتفاق بين طهران وواشنطن، على حد تعبيره.

وأضاف أن الدول الخليجية باتت تدرك ضرورة كبح التصعيد الإسرائيلي على حدود 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، والحد من التوترات في المنطقة، مما يسهم في تقوية العلاقات بين إيران ودول جنوب الخليج.

وفي ما يتعلق بالموقف الأميركي، يعتقد بيات أن الإدارة الأميركية الحالية تحت قيادة ترامب أكثر مرونة في التعامل مع إيران، مقارنة بمواقفها السابقة. ويلفت إلى وجود مؤشرات على إمكانية إعلان اتفاق نووي جديد مع طهران، بالإضافة إلى احتمال ظهور خطة أميركية جديدة بشأن الحرب في غزة، وهو ما يشير إلى تغير في لهجة السياسة الأميركية في المنطقة.

التهدئة الإقليمية

من جهتها، رأت خبيرة شؤون دول الخليج هدى يوسفي أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض والدوحة تأتي في توقيت بالغ الحساسية، وتعكس مساعي طهران لإعادة تموضعها إقليميا في ظل متغيرات جيوسياسية متسارعة.

وأوضحت يوسفي -في حديثها للجزيرة نت- أن الزيارة تحمل رسائل متعددة، أبرزها سعي إيران لتقليص فجوة الثقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتأكيد رغبتها في حل القضايا الإقليمية عبر الحوار، وليس عبر المواجهة أو التصعيد.

وتعوّل إيران -وفق الخبيرة- على دور قطر بوصفها وسيطا موثوقا، خاصة في ظل علاقة الدوحة المتوازنة مع كل من طهران وواشنطن، مضيفة أن قطر تمتلك موقعا إستراتيجيا يسمح لها بلعب دور إيجابي سواء في خفض التصعيد أو التمهيد لتفاهمات إقليمية، وهو ما يجعل زيارة عراقجي إلى الدوحة “أكثر من مجرد زيارة بروتوكولية”.

كما اعتبرت أن السعودية أيضا، “رغم تحفظها التقليدي”، باتت أكثر انفتاحا على فكرة التفاهم الإقليمي، خصوصا في ظل سعيها لتنفيذ مشاريعها التنموية ضمن رؤية 2030، التي تتطلب استقرارا طويل الأمد في محيطها الإقليمي.

وأشارت الخبيرة إلى أن الزيارة تندرج كذلك ضمن محاولة إيران إضفاء بُعد إقليمي على مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بشأن العقوبات، معتبرة أن أي اتفاق يفتح المجال أمام عودة إيران للأسواق العالمية، لا سيما في قطاع النفط، ستكون له تداعيات مباشرة على اقتصادات الخليج، وهو ما يدفع طهران لطمأنة جيرانها والتقليل من المخاوف المحتملة.

إلى جانب ذلك، تقول يوسفي إن إيران أصبحت تدرك أن النجاح في ملفها النووي لا يكتمل من دون غطاء إقليمي، “لذلك تبعث من خلال هذه الزيارة بإشارات تهدئة قد تُسهم في تخفيف منسوب التوتر المزمن في المنطقة”.

وبينما تترقب المنطقة نتائج الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في مسقط غدا الأحد، تظل التساؤلات مفتوحة حول قدرة التحركات الدبلوماسية الأخيرة على تقليص التوترات الإقليمية وتحقيق تسوية مستدامة.

شاركها.
اترك تعليقاً