كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر فصل أعضاء لجنة تعيين كبار المسؤولين في الحكومة ومؤسسات الدولة.

وتقول الصحيفة إن ذلك يمثل خطوة قد تمهد لتعيين شخصيات مقربة منه في اللجنة الجديدة لضمان تمرير التعيينات الحكومية دون اعتراض.

مشروع اليمين

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي الحكومة للسيطرة على مفاصل الدولة واللجان الهامة فيها.

وأشار -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أن لجنة تعيين كبار الموظفين التي شملها القرار تعد لجنة محورية تهدف إلى المصادقة على تعيينات الحكومة في المواقع الحساسة، بما فيها قيادات الأجهزة الأمنية.

وقال مصطفى إن اللجنة كانت نقدية جدا لتعيين شخصيات لعدم ملاءمتهم أو بسبب مخالفات إدارية أو جنائية ارتكبوها سابقا، مضيفا أن من أبرز الأمثلة على ذلك رفضها تعيين يوآف غالانت رئيسا للأركان بسبب مخالفة تتعلق بتوسيع بيته على حساب أراض عامة.

وأوضح أن القرار يهدف إلى تشكيل لجنة منصاعة للحكومة تصادق على كل تعيين دون أي فحص أو اعتراض، لافتا إلى أن هذه الخطوة تأتي أيضا في سياق تعيين رئيس جهاز الأمن العام الشاباك ديفيد زيني، الذي قد يواجه صعوبات في الحصول على مصادقة اللجنة الحالية.

ورأى مصطفى أن ما يقوم به نتنياهو هو اصطدام عملي مع جميع مكونات الدولة، في محاولة لإعادة تشكيلها.

وأضاف أن هذه الإجراءات تحمل أيضا بعدا انتخابيا، إذ يسعى رئيس الحكومة إلى إقناع جمهوره اليميني بأنه يتحدى ما يسميها “الدولة العميقة”، ويستبدلها بشخصيات موالية ومنظومات تساعد الحكومة على تنفيذ أجنداتها السياسية، معتبرا أن هذه الخطوة جزء من مشروع اليمين الكبير في السيطرة على مؤسسات الدولة بشكل شمولي.

تحول إستراتيجي

أما المحلل السياسي إبراهيم المدهون، فاعتبر أن قرار نتنياهو ليس إجراء إداريا روتينيا، بل مؤشرا بالغ الدلالة على تحول إستراتيجي في طبيعة الحكم داخل إسرائيل، ينذر -برأيه- بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لصالح دولة ظل تدين بالولاء الشخصي له، لا للمؤسسة أو النظام.

وأوضح -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن نتنياهو يتبع منذ سنوات سياسة تقوم على تعزيز السيطرة الشخصية وتطويع الكيان بالكامل، مؤكدا أن الرجل لم يعد يتعامل مع مؤسسات الدولة باعتبارها أركانا للحكم يجب احترام استقلالها، بل كمواقع نفوذ يجب إخضاعها أو تفريغها من محتواها.

وأشار المدهون إلى أن القضاء والشرطة وجهاز الشاباك والنيابة العامة كلها تعرضت لضغوط ممنهجة، وتم تعيين موالين للحكومة في مواقعها الحساسة، مضيفا أن تفكيك لجنة التعيينات يمثل خطوة إضافية نحو إحكام القبضة على البنية الإدارية والسيادية للدولة.

وأكد أن نتنياهو لا يرى نفسه مجرد رئيس وزراء منتخب ضمن دورة ديمقراطية، بل يسعى لترسيخ موقعه كمرجعية عليا فوق المؤسسات، لا تتعرض للرقابة ولا تحتكم للتوازنات السياسية المعهودة.

واعتبر المدهون أن نتنياهو يمارس الحكم بمنطق “إما أن تكون معي وإما تقصى”، حيث يقصي حتى المؤسسات الرسمية إذا لم تضمن الولاء الكامل، ويرى في استقلال القضاء أو الأجهزة الرقابية تهديدا مباشرا يجب التخلص منه.

واختتم بالتحذير من أن أي تغيير مستقبلي في الحكم سيواجه تحديا بنيويا عميقا نظرا لوجود شبكة واسعة من الولاءات والتعيينات والمحسوبيات التي أعادت تشكيل الكيان لصالح نتنياهو على أسس حزبية وشخصية.

وقال إن ما يقوم به رئيس الوزراء باسم “الاستقرار السياسي” هو في حقيقته مشروع لإعادة صياغة الدولة على مقاسه الشخصي، يضعف النظام من الداخل ويفتح الباب لأزمات قد تعصف بأسس الحكم وبفكرة إسرائيل ذاتها.

شاركها.
اترك تعليقاً