يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– عازم على احتلال قطاع غزة بالكامل، ما لم تقبل المقاومة باتفاق وفق شروط إسرائيل، وذلك رغم رفض رئيس أركانه هذه الخطوة.

فقد تلاسن نتنياهو وزامير في الخيارات المطروحة لمواصلة العملية العسكرية، وذلك خلال اجتماع أمني استمر 3 ساعات ولم يخرج بقرارات حاسمة حيث يريد رئيس الوزراء احتلال غزة كاملا، بينما يحذر رئيس أركانه من الوقوع في “مصيدة إستراتيجية” تمثل خطرا على الأسرى، حسب ما نقلته القناة 13.

ويسعى نتنياهو فعليا لاحتلال القطاع بعدما أصبح بقاء حكومته مرهونا بهذه الخطوة، لكنه يعول على قبول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشروط الاتفاق التي وضعها، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى في برنامح “مسار الأحداث”.

هذا الأمل في رضوخ حماس هو الذي دفع نتنياهو لإرجاء اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية، حتى لا يتخذ قرارا نهائيا باحتلال القطاع.

التضحية بالأسرى

وبحسب وجهة نظر مصطفى فإن هذه المرة ستكون الأولى التي تذهب فيها إسرائيل إلى عملية من هذا النوع دون موافقة الجيش ولا المجتمع، وهذا ما يعرفه نتنياهو جيدا لأنها ستكون إعلان تضحية بالأسرى المتبقين في القطاع، بينما يدرك زامير أن التضحية بهؤلاء ستضرب الشرعية التاريخية للجيش.

ويحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيجاد طريقة لإدخال المساعدات للفلسطينيين المحاصرين في غزة، لكنه يعتقد في الوقت نفسه، أن توسيع العمليات هو السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى في ظل رفض المقاومة الرضوخ للشروط الإسرائيلية، حسب المسؤول السابق في الخارجية الأميركية توماس ووريك.

لكن ووريك يتفق مع حديث مصطفى في أن توسيع العمليات سيمثل خطرا على حياة هؤلاء الأسرى ومن ثم يرى أن إجراء في هذا الصدد لا بد وأن يكون بالتوافق بين نتنياهو والجيش.

وفي غزة هناك تخوف كبير من بدء عملية احتلال كامل للقطاع الذي حُشر سكانه في المواصي جنوبا ومدينة غزة شمالا، لأن الناس يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي سيعتمد على القتل العشوائي مما يعني أن هؤلاء جميعا سيكونون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما مواجهة الجيش أو الموت، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا.

كما يتخوف الفلسطينيون من إقدام إسرائيل على عمليات تهجير واسعة بعد شهور من التجويع الممنهج الذي نفذته خلال الشهور الماضية، وهو ما تحدثت عنه القناة 12 الإسرائيلية “إن الجيش يفكر في تهجير السكان جنوبا حتى لا يدخل في مواجهة مباشرة مع هذه الكتلة البشرية الهائلة”.

بداية عملية للتهجير

ويمثل نقل السكان إلى الجنوب أخطر ما في هذه العملية، برأي القرا، الذي يصف هذه الخطوة بأنها أول خطوة عملية على طريق التهجير لأن مدينتي رفح وخان يونس لم يعد بهما أي مقوم من مقومات الحياة تساعد على العيش.

وإلى جانب ذلك، فإن حشر الناس في مساحة ضيقة ستمنح الإسرائيليين فرصة قتل الآلاف منهم يوميا دون عوائق كما يقتلون طالبي المساعدات اليوم على مرأى العالم.

بيد أن ووريك يقول “إن الأميركيين يدعمون إنهاء الحرب بأسرع وقت، لكنهم لا يحددون الطريقة التي يجب أن تنتهي بها”، وهو ما يفسر -في رأيه- ضبابية الموقف الأميركي الناجم عن التناقض في تصريحات ترامب ومبعوثه للمنطقة ستيف ويتكوف.

ومع ذلك، فإن كل التحذيرات التي يطلقها زامير لمنع احتلال القطاع لن تؤثر في قرار نتنياهو الذي أصبح صاحب القرار الوحيد في إسرائيل في لحظة يقول مصطفى إنها “غير مسبوقة في تاريخها، حيث يجري نزع الشرعية من الجيش إذا خالف الحكومة”.

لذلك يحاول زامير قلب الشارع الإسرائيلي على نتنياهو لأن الإسرائيليين تاريخيا لا يدعمون حربا ترفضها المؤسسة العسكرية، رغم أن هذه الحرب غيرت كل القواعد التي عرفتها إسرائيل، كما يقول مصطفى.

ومن المقرر أن يعقد المجلس الأمني المصغر جلسة الخميس المقبل لبحث قرار احتلال القطاع كاملا.

شاركها.
اترك تعليقاً