بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
في خطوة تُظهر تحوّلاً في استراتيجيات التوظيف العسكرية، كشفت صحيفة “الغارديان” عن مبادرة جديدة يتبناها الجيش الأمريكي لجذب الشباب المنتمين لجيل زد، عبر شراكات مع مؤثرين رقميين في منصات مثل إنستغرام وتيك توك، بهدف الترويج للخدمة العسكرية كمسار وظيفي مستقر ومليء بالتحديات.
وأظهر تقرير للصحيفة البريطانية كيف بدأ الجيش بالاعتماد على مؤثرين في مجالات متنوعة – من اللياقة البدنية إلى رياضات المغامرة والسفر – لتصوير تجاربهم في خوض تدريبات عسكرية أساسية، ضمن محتوى مُموَّل يُنشر على حساباتهم الشخصية.
كان من أبرز هذه التجارب منشور للمؤثر ستيفن كيلي، الذي يملك أكثر من 1.3 مليون متابع، يُظهره وهو يرتدي بزة عسكرية، يصعد جدار حبال، ويُمسك سلاحاً نارياً خلال تدريبات عسكرية أساسية. ووصف كيلي التجربة في تعليقه بـ”الفرصة الفريدة لفهم الجاهزية والانضباط اللذين يُبنى عليهما الجيش”، قبل أن يحث متابعيه عبر رابط في حسابه على زيارة موقع تجنيد رسمي.
وبحسب “الغارديان”، تأتي هذه الحملات في ظل صعوبات مستمرة واجهها الجيش الأمريكي في بلوغ أهدافه السنوية للتجنيد، خصوصاً بين عامي 2020 و2023، حيث فشل مراراً في تلبية الطلب المستهدف. ويُرجع التقرير ذلك إلى تأثير جائحة كوفيد-19، وتراجع التفاعل مع برامج التثقيف العسكري مثل ROTC، ما قلّص من فرص تعريض الشباب للحياة العسكرية وخياراتها.
لكن الأرقام بدأت تُظهر تحسناً ملحوظاً. ففي يونيو الماضي، أعلن الجيش عن بلوغه هدفه بتجنيد 61 ألف متطوّع وهو الهدف السنوي– قبل أربعة أشهرمن الموعد المحدد – في مؤشر يُقرأ على أنه نجاح جزئي للاستراتيجيات الرقمية الجديدة.
ووفق ماديسون بونزو، المتحدثة باسم تجنيد الجيش الأمريكي، أن هذه الشراكات “تعزز ظهور الجيش وتوصل رسائله إلى جماهير جديدة، وتبين إمكانيات الخدمة بطرق مبتكرة”.
وأشارت إلى أن “الهدف هو عرض الحياة العسكرية من منظور تجربة غامرة يُقدّمها مؤثرون غير منتسبين للجيش، لكنهم يخوضون تدريبات حقيقية إلى جانب جنود فعليين”.
رغم ذلك، لم تخلُ الحملة من انتقادات. ووصف بعض المعلقين المنشورات بـ”الدعاية”، واعتبروها محاولة لتجميل تجربة عسكرية قد لا تعكس واقعها القاسي. وكتب أحد المعلقين: “الأغنياء يُؤثرون على الفقراء ليدخلوا في مهام لا يريدونها هم أنفسهم. هذا يذكرني بفيلم الألعاب الجائعة. إنه يشبه حروب الطبقات”.
في المقابل، يرى خبراء مثل روبرت كوزينتس، أستاذ التسويق ووسائل التواصل في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن هذا النهج لا يخرج عن نطاق الإعلانات التقليدية، حيث “يُستخدم شخصيات بارزة للترويج لتجربة، حتى لو لم تكن جزءاً من حياتهم اليومية”.
وتشير الأستاذة جيس راوتشبيرغ من جامعة سيتون هول، لـ”الغارديان”، إلى أن الرسالة الأعمق لهذه الحملات تتمحور حول “الاستقرار”. وتضيف: “الجيش يستغل لحظة اقتصادية واجتماعية صعبة يعيشها الشباب، ويقدّم نفسه كملاذ يوفر وظيفة، تدريباً، وبيئة آمنة. وهذا واعد جداً لجيل يبحث عن اليقين”.
من جهتها، قالت كاثرين كوزمينسكي، مديرة الدراسات في مركز الأمن الأمريكي الجديد والمتخصصة في تجنيد الجيش: “أصبح الوصول إلى جيل نشأ في الفضاء الرقمي، وعاصر انعزالاً طويلاً خلال الجائحة، تحدياً مركّباً”، مشيرة إلى أن “التحول نحو المنصات الرقمية والمؤثرين لم يعد ترفًا تواصليًا، بل ضرورة استراتيجية في بناء جسر مع الشباب المستهدف”.
ومن المقرر تنظيم مؤتمر “مؤثري الجيش” الشهر المقبل في أتلانتا، يجمع مبدعين رقميين لبحث سبل التوفيق بين الخدمة العسكرية وبناء الحضور الرقمي، في مؤشر على توسع متعمد في استخدام القوة الناعمة للجيش عبر الفضاء الرقمي.