في مشهد تتقاطع فيه السياسة الدولية مع أزمات الحرب، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الإثنين، أن عقد اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب “ضروري من نواحٍ عديدة”، لكنه أكد في الوقت ذاته أن أي موعد لهذا اللقاء لم يُحدّد بعد.
بيسكوف أوضح أن الاجتماع “واضح أنه على الرادار”، لكنه يحتاج إلى “تحضير مناسب وجهود على مختلف مستويات الخبراء”. لكن، ماذا تعني هذه الجهود؟
بحسب كورت فولكر، المبعوث الأميركي السابق للمفاوضات حول أوكرانيا خلال عهد ترامب، فإن الشرط الأول لأي تحضير جاد هو وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وفي مقابلة مع قناة “يورونيوز” على هامش منتدى كييف للأمن، قال فولكر إن ترامب يرغب بالفعل في لقاء بوتين، لكنه “يريد إنهاء الحرب وإعادة بناء العلاقات مع روسيا، وربطها مجددًا بالاقتصاد العالمي عبر صفقات تجارية. لكن بوتين يجب أن يوقف الحرب أولًا”.
فولكر، الذي كان حاضرًا في آخر لقاءات جمعت بوتين وترامب في هلسنكي ثم في قمة مجموعة العشرين في أوساكا، يرى أن بوتين يحاول اللعب على غرور ترامب، مقترحًا فكرة الجلوس “رجلًا لرجل” لحل الأزمة.
لكنه يوضح أن ترامب “ليس سعيدًا بفشل بوتين في إنهاء الحرب”، مما يجعل احتمال اللقاء بينهما يتضاءل أكثر فأكثر.
وضع سياسي مشحون
تشير التطورات الأخيرة في واشنطن إلى تبدل في المزاج الأميركي تجاه موسكو. فبحسب فولكر، هناك توافق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا على الدعوة إلى وقف إطلاق نار شامل لمدة 30 يومًا كخطوة تمهيدية نحو هدنة دائمة، لكن الكرملين، حسب تعبيره، “يسخر من ذلك”.
وفي بادرة رمزية، أعلن بوتين عن “وقف إطلاق نار من جانب واحد” لثلاثة أيام فقط بمناسبة العرض العسكري ليوم النصر في موسكو، لكن فولكر يشكك في جديته قائلًا: “سأفاجأ إذا التزم بوتين حتى بالهدنة التي أعلنها بنفسه”.
وفي واشنطن، أقر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بأن المفاوضات مع روسيا “لم تلبِّ التوقعات”. الروس، كما قال، يطالبون بتنازلات كبيرة لإنهاء الصراع، وهو ما تعتبره الإدارة الأميركية “غير مقبول”.
بحسب فولكر، ستتجه واشنطن إلى تشديد لهجتها ضد العدوان الروسي، مع التركيز على العقوبات، وربما فرض عقوبات ثانوية على الأطراف التي تساعد روسيا على الالتفاف على القيود المفروضة على النفط والغاز والقطاع المالي.
أما في ما يتعلق بالدعم العسكري لأوكرانيا، فيتوقع فولكر أن تنتقل واشنطن من سياسة التمويل المباشر عبر أموال دافعي الضرائب إلى نظام القروض، شبيه بما حدث مع المملكة المتحدة في الحرب العالمية الثانية. والأكثر إثارة أن خيار مصادرة الأصول الروسية المجمدة لدفع ثمن السلاح الأوكراني أصبح مطروحًا بجدية، بعدما بدأت كندا بالفعل بخطوات في هذا الاتجاه.