لمواجهة أزمة ديموغرافية تهدد مستقبلها، أقدمت كوريا الجنوبية على خطوة لافتة تمثلت في إنشاء وزارة جديدة تحمل اسم “وزارة التخطيط”، لتضع قضية انخفاض معدل المواليد في صدارة أولوياتها الوطنية.

اعلان

وتخطط الحكومة لاستثمار المليارات في مبادرات تشجع الولادات، مثل توفير مساعدات لتجميد البويضات، رغم أن هذه المبادرات لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن. كما تُشجع الشركات على تعزيز سياسات توازن العمل والحياة لتشجيع الموظفين على تكوين عائلات.

المبادرات الحكومية ليست الوحيدة في هذا السياق، إذ انخرطت بعض المدن، مثل سيول، في دعم هذه الجهود عبر تقديم أماكن مجانية لإقامة حفلات الزفاف. من جهة أخرى، دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى اتخاذ تدابير أكثر شمولية تشمل الحد من الفجوة بين الجنسين وتعديل نظام إجازة الولادة لدعم الوالدين العاملين.

تحديات ديموغرافية حادة في كوريا الجنوبية

تُعد كوريا الجنوبية اليوم “مجتمعًا مسنًا للغاية”، اذ يشكل من تجاوزوا سن 65 عامًا نحو 20% من السكان. ومع توقع انخفاض معدل الولادات إلى 0.7 طفل لكل امرأة بنهاية عام 2023، تواجه البلاد تحديًا كبيرًا في الحفاظ على استقرار عدد سكانها، بينما يتطلب ذلك معدل إنجاب قدره 2.1 طفل لكل امرأة.

وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2023 أن نصف الكوريين الجنوبيين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا لا ينوون إنجاب أطفال، مشيرين إلى الأعباء المالية كأحد الأسباب الرئيسية وراء هذا القرار.

ماذا وراء الانخفاض في معدل المواليد؟

من أبرز أسباب انخفاض معدل المواليد، التقاليد الأبوية المتجذرة والمعايير الجنسانية التي تجعل من الأمومة تحديًا كبيرًا للنساء الكوريات. فتترك أربع من كل عشر نساء العمل بعد الولادة لرعاية أطفالهن، ويواجهن صعوبات بالغة في العودة إلى سوق العمل. التمييز في التوظيف بناءً على احتمال الإنجاب يضيف مزيدًا من الضغط على النساء منذ بداية مسيرتهن المهنية.

وفي كوريا الجنوبية، لا تزال الأبوة ترتبط بشكل وثيق بالزواج، إذ إن الولادات خارج إطار الزواج تشكل أقل من 5% من العدد الإجمالي. ومع أن المجتمع يشهد تغيرات تدريجية، إلا أن التقاليد الاجتماعية، مثل التكاليف الباهظة للزواج التي تصل في المتوسط إلى أكثر من 36,000 يورو، تبقى عائقًا كبيرًا.

إضافة إلى ذلك، تشكل تكاليف المعيشة المرتفعة، خاصة العقارات والتعليم، تحديات جسيمة أمام الشباب. فأسعار العقارات المرتفعة تجعل من الصعب العثور على سكن مناسب، بينما تشكل الدروس الإضافية التي يلتحق بها 80% من التلاميذ عبئًا كبيرًا على الأسر، يصل أحيانًا إلى تكلفة تعادل ميزانية الطعام الشهرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الخليج مباشر. جميع حقوق النشر محفوظة. تصميم سواح سولوشنز.