بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

وصل أورتيز، وهو من أصول فنزويلية ويحمل الجنسية الأمريكية، إلى ولاية تكساس الجمعة الماضية برفقة تسعة أمريكيين آخرين أفرجت عنهم كاراكاس، مقابل ترحيل 252 فنزويليًا كانوا محتجزين في الولايات المتحدة وتم إرسالهم إلى سجن سيسوت سيئ السمعة في السلفادور، بموجب “قانون الأعداء الأجانب”.

وفي بيان رسمي، قال وزير الخارجية ماركو روبيو: “الولايات المتحدة ترحب بعودة عشرة أمريكيين كانوا محتجزين في فنزويلا”. وأضاف: “من غير المقبول أن يعتقل النظام الفنزويلي مواطنين أمريكيين في ظروف مشبوهة ودون مراعاة الأصول القانونية. اليوم، كل أمريكي كان محتجزًا ظلمًا أصبح حرًا وعاد إلى وطنه”.

إلا أن إطلاق سراح أورتيز فجّر انتقادات حقوقية وقانونية واسعة، لا سيما أن قضيته لا تحمل أي طابع سياسي. وقد أكدت منظمة “فورو بينال” الفنزويلية، المتخصصة برصد السجناء السياسيين، أن أورتيز لم يُصنف ضمن قائمة المعتقلين السياسيين الذين وثقتهم، مشيرة إلى أن عدد السجناء السياسيين الأمريكيين الذين شملهم الإفراج لا يتجاوز تسعة أشخاص.

جريمة مروعة في مدريد وهروب دولي

أورتيز ارتكب جريمة أثارت الرأي العام الأوروبي عام 2016، حين قاد سيارته من ألمانيا إلى مدريد بدافع الغيرة، لتعقب شريك طليقته المحامي الإسباني فيكتور جويل سالاس. وعندما وصل إلى مكتب سالاس، وجد اثنتين من الموظفات، فقام بطعنهما حتى الموت، ثم انتظر في الداخل ليطعن عميلًا للمكتب وسائق تاكسي، قبل أن يشعل النار في المكتب ويلوذ بالفرار.

ووصل سالاس لاحقًا ليجد ثلاث جثث في مكتبه، وفق ما أوردته صحيفة إلباييس. فيما تمكن أورتيز، الذي خدم سابقًا في العراق، من الهرب إلى ألمانيا، لكن خللاً بيروقراطيًا حال دون اعتقاله هناك، ما مكنه من الفرار إلى كولومبيا، ثم إلى فنزويلا، حيث تم توقيفه عام 2018.

ورغم مطالبة إسبانيا بتسليمه، رفضت السلطات الفنزويلية ذلك بحجة أنه يحمل الجنسية الفنزويلية، وقررت محاكمته محليًا. وفي يناير 2024، أصدرت محكمة في كاراكاس حكمًا بالسجن لمدة 30 عامًا بحقه.

احتفال رسمي وصمت حكومي

ظهر أورتيز بعد الإفراج عنه مبتسمًا داخل طائرة في صور نشرتها الخارجية الأمريكية، وسط ترحيب مسؤولين من إدارة ترامب الذين وصفوا صفقة التبادل بأنها “إنجاز بفضل قيادة الرئيس”.

لكن السلطات الأمريكية التزمت الصمت حيال قضيته، ورفضت وزارة الخارجية التعليق على وضعه القانوني، مكتفية بالقول إن الصفقة كانت تهدف إلى إطلاق سراح جميع الأمريكيين المحتجزين في فنزويلا، بعضهم أبلغ عن تعرضه للتعذيب.

وقالت لورا كريستينا ديب، مديرة برنامج فنزويلا في مكتب واشنطن لأمريكا اللاتينية (WOLA)، إن الإفراج عن أورتيز “يتطلب استمرار التحقيق القانوني بالنظر إلى فظاعة الجريمة والخوف الذي تعيشه عائلات الضحايا”.

الضحايا ينددون بـ”الظلم”

أبدى المحامي فيكتور سالاس، أحد ضحايا أورتيز، صدمته من القرار، قائلًا في مقابلة مع برنامج تلفزيوني إسباني: “لقد خُدعنا وخذلتنا الحكومات. أورتيز لم يكن سجينًا سياسيًا، بل مجرمًا مدانًا بقتل ثلاثة أبرياء”. وأضاف: “من الصادم أن يتوسط رئيس وزراء إسبانيا الأسبق خوسيه لويس ثاباتيرو في إطلاق سراح شخص يعرف جيدًا من يكون”.

ودعا سالاس المسؤولين إلى “تصحيح هذا الظلم”، معبرًا عن خشيته من أن يعود أورتيز إلى إسبانيا. وأوضح أن السلطات الألمانية أبلغته بأنها أصدرت إشعارات حمراء لمنعه من دخول منطقة شنغن.

وفي مقابلة أخرى مع قناة TeleMadrid، انتقد سالاس الحكومة الإسبانية لعدم إبلاغه بالإفراج عن القاتل أو توفير أي حماية له، قائلًا: “الرسالة التي تصل هي أن أي شخص يستطيع القدوم إلى إسبانيا، يقتل ثلاثة أشخاص، ويخرج حرًا دون عقاب”.

صفقة مثيرة للجدل و”دبلوماسية رهائن”

الصفقة أثارت أيضًا شكوكًا بشأن استخدام إدارة ترامب لـ”دبلوماسية الرهائن” بطريقة تنتهك القانون الدولي، بحسب منظمة WOLA. وقالت ديب إن الدول الثلاث – الولايات المتحدة، فنزويلا، والسلفادور – انتهكت حق المحتجزين في الإجراءات القانونية السليمة.

ويشار إلى أن عملية تبادل الأسرى شملت نقل الأمريكيين العشرة من فنزويلا إلى السلفادور، ومن ثم إلى تكساس. وفي المقابل، نُقل الفنزويليون الـ252 إلى كراكاس.

وكانت إدارة ترامب قد استخدمت “قانون الأعداء الأجانب” في مارس الماضي لتبرير ترحيل مئات الفنزويليين من الأراضي الأمريكية، بزعم انتمائهم إلى عصابة “ترين دي أراگوا” الموالية لنظام مادورو، رغم أن الأدلة كانت واهية بحسب منظمات حقوقية، وكشفت بعض التقارير أن من بين المرحلين فنان مكياج فنزويليًا مثليًا كان يسعى للجوء.

وقال آرون رايخلين-ميلنيك، محلل السياسات في “مجلس الهجرة الأمريكي”، إن “الإدارة الأمريكية أنكرت مرارًا أن هؤلاء كانوا تحت وصايتها، لكنها الآن تتفاخر بالصفقة وكأنها إنجاز دبلوماسي”.

وضمت قائمة المفرج عنهم أشخاصًا من خلفيات مختلفة، من بينهم ويلبرت جوزيف كاستانيدا، الذي اعتُقل في أغسطس 2024 مع أمريكيين آخرين، وإسبانيين، ومواطن تشيكي. ورغم تأكيد عائلته والحكومة الأمريكية أنه كان في زيارة خاصة، اتهمته فنزويلا بالتورط في مؤامرة مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) للإطاحة بمادورو واغتياله. وتشير السجلات إلى أن كاستانيدا كان حينها عنصرًا في “نيفي سيل”.

وكان أورتيز قد حاول، وفقًا لتقارير صحفية، رشوة مسؤولين فنزويليين لإدراجه في صفقة التبادل السابقة عام 2023 والتي أُطلق فيها سراح عشرة أمريكيين مقابل تسليم فنزويلا لأليكس صعب، رجل الأعمال المقرب من مادورو

شاركها.
اترك تعليقاً