بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

فيما بدأ الحديث عن خطة احتلال قطاع غزة بالكامل التي يقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أسرّ بها لوزرائه، يزداد المشهد داخل الدولة العبرية تعقيدًا، مع تصاعد الخلاف بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وتلويح رئيس الأركان المعيّن حديثًا، إيال زامير، بتقديم استقالته احتجاجًا على الخطة.

يوم الإثنين، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو اتخذ قراره بتوسيع عملية “عربات جدعون” في قطاع غزة وصولًا إلى “الاحتلال الكامل”.

وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا من أوساط اليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو، لكنها قوبلت بمعارضة من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، حيث أفادت المصادر بأن زامير قد يُجبر على “تقديم استقالته” في حال قررت الحكومة المضي قدمًا في تنفيذ الخطة.

وكان زامير قد ألغى زيارته المقررة إلى واشنطن هذا الأسبوع، بعد انهيار المفاوضات والإعلان عن خطة الاحتلال التي يعارضها، حسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، إذ يرى الأخير أن المستوى السياسي لا يمنح الجيش وضوحًا استراتيجيًا كافيًا.

كما أشار إلى أنه “لا يتلقى أوامر وتعليمات واضحة بعد انتهاء عملية عربات جدعون”، مطالبًا القيادة السياسية بالتوجه نحو صفقة، وإظهار قدر من المرونة مع حماس، حتى وإن لم يؤدِ ذلك إلى اتفاق شامل.

ويحذر رئيس الأركان من أن البقاء المطوّل للقوات في قطاع غزة يعرضها للخطر ويخدم مصالح حماس، فضلًا عن استنزاف قدرات الجيش.

حماس بدورها لم تُبدِ رد فعل كبيرًا على خطة نتنياهو احتلال قطاع غزة بالكامل، واكتفت بوصفها بأنها “تهديدات مكرّرة لا تؤثر على موقفها التفاوضي”.

انقسامات

من جانبه، علّق وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على الخلاف بالقول: “أطالب رئيس الأركان بتوضيح التزامه الكامل بتنفيذ تعليمات المستوى السياسي، حتى لو تقرر المضي في الاحتلال والحسم”.

في المقابل، نقلت القناة 12 العبرية عن عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة قولهم إن احتلال القطاع يعني خسارة المحتجزين ومزيدًا من القتلى في صفوف الجنود.

أما صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فرأت أنه من غير المستبعد أن تكون خطة احتلال غزة جزءًا من تكتيك تفاوضي للضغط على حماس.

لماذا اختار نتنياهو زامير؟

وتباينت التقديرات حول موقف زامير، إذ أفادت وسائل إعلام عبرية بأنه لا يعتزم الاستقالة، واصفة إياه بـ”الجندي الذي يفهم التسلسل الهرمي في علاقته بالقيادة السياسية، ومع أن من حقه أن يملك رأيًا مختلفًا، لكنه في لحظة الحقيقة سينفّذ كما هو متوقع منه ومن كل ضابط”.

وفي خضم ذلك، بدأت تتصاعد التساؤلات حول أسباب اختيار نتنياهو لزامير، الذي عُيّن خلفًا للجنرال هرتسي هاليفي، الذي قدّم استقالته بعد تحمّله المسؤولية عن الإخفاق في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكانت صحيفة “هآرتس” من بين المشككين في قدرة زامير على إعادة هيبة الجيش، مشيرة إلى أنه “جزء من المنظومة التي فشلت في قراءة تحركات حماس”، حيث أنه شغل سابقًا منصب قائد المنطقة الجنوبية.

وقد ردّ يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، على تساؤلات مستخدمي منصة “إكس” بشأن أسباب تعيين زامير، بالقول إن التعيين جاء نتيجة إصرار وزير الدفاع إسرائيل كاتس.

ولم يتوانَ نجل زعيم الليكود عن مهاجمة رئيس الأركان ولو بشكل غير مباشر. فبعد أن قال المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، “إذا كان نتنياهو مهتمًا حقًا باتخاذ القرار الدراماتيكي والانقسامي بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي — أي احتلال مدينة غزة والمخيمات المركزية — فعليه أن يقف أمام الشعب، ويوضح الثمن المتوقع من أرواح الجنود والرهائن الذين سيسقطون، ويُعلن تحمّله المسؤولية الكاملة، رغم معارضة الجيش الإسرائيلي”، رد يائير فيما بدا وكأنه اتّهام لزامير: “إذا كان من أملى عليك تلك التغريدة هو من نعتقد، فإن هذا تمرّد ومحاولة انقلاب عسكري على طريقة جمهوريات الموز في أمريكا الوسطى خلال السبعينيات. هذا عمل إجرامي تمامًا”.

ضغوطات على نتنياهو

وتأتي هذه التطورات في وقت يتعرّض فيه رئيس الوزراء لضغوط كبيرة بشأن ملف غزة، فمن جهة، تلحّ المعارضة وعائلات الرهائن على ضرورة التوصل إلى صفقة تبادل ووقفٍ لإطلاق النار، ومن جهة أخرى، ترفض الأطراف اليمينية المتطرفة أي تسوية من هذا النوع. كما أن ملف تجنيد الحريديم، يفاقم من الضغوط السياسية المتزايدة على حكومة نتنياهو بعد تهديد أحزاب الدينية بالانسحاب الكامل من الائتلاف.

وفي موازاة ذلك، فجّرت محاولة عزل المستشارة القضائية، غالي باهراف-ميارا، التي تخوض خلافًا علنيًا مع نتنياهو، موجة احتجاجات في عدة مدن إسرائيلية، على رأسها تل أبيب، حيث ندد المتظاهرون بما وصفوه بـ”انقلاب على استقلالية القضاء”.

شاركها.
اترك تعليقاً