بقلم:&nbspيورو نيوز

نشرت في
آخر تحديث

اعلان

وفي كلمة متلفزة، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن بلاده تلقّت دعوات دولية للتدخل و”إعادة الأمن إلى محافظة السويداء”، بعد أسابيع من التوتر والاشتباكات الدامية.

واتّهم الشرع إسرائيل بإعادة إشعال التوتر في الجنوب السوري، عقب “قصفٍ سافرٍ طالَ السويداء ودمشق”، معتبراً أن “الدولة السورية وحدها القادرة على الحفاظ على هيبتها وسيادتها على كامل أراضيها”.

وفي رسالة طمأنة إلى الداخل، شدّد الرئيس السوري على أن “قوة الدولة تكمن في تماسك شعبها”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن “العدالة ستتحقّق، ولن يفلت أحد من العقاب”.

وثمّن الشرع “موقف الولايات المتحدة الأميركية المؤيد لوحدة سوريا”، كما توجّه بالشكر إلى العشائر السورية على ما وصفها بـ”المواقف البطولية”، داعيًا إيّاها إلى وقفٍ تامٍ لإطلاق النار.

وأضاف: “لا يجوز أن نحاكم الطائفة الدرزية الكريمة على أفعال قلة قليلة”، مؤكدًا أن “الأحداث أثبتت أن أبناء السويداء يقفون إلى جانب الدولة، باستثناء فئة صغيرة”.

وفي ختام كلمته، أعلن الرئيس السوري تبرؤه من “كافة المجازر والتجاوزات التي وقعت في محافظة السويداء”، داعيًا أبناء الدروز إلى “الوقوف صفًا واحدًا” لمواجهة المرحلة، ومؤكدًا أن “سوريا ليست ميدانًا لمشاريع الانفصال”.

ونقلت وسائل إعلام سورية أن وحدات من قوى الأمن الداخلي السوري بدأت بالتحرك نحو مدينة السويداء لتثبيت الهدنة وتنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، في وقت لا تزال فيه الأوضاع الميدانية هشّة رغم التفاهمات السياسية التي جرى التوصل إليها بدعم إقليمي ودولي واسع.

وفي بيان نشره على تلغرام، قال المتحدث باسم الداخلية نور الدين البابا: “بدأت قوى الأمن الداخلي بالانتشار في محافظة السويداء في إطار مهمة وطنية، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى”.

كما أصدرت الرئاسة السورية بيانًا أعلنت فيه “وقفًا فوريًا وشاملًا لإطلاق النار بمحافظة السويداء”، داعية إلى “الالتزام الفوري به في جميع المناطق”، مضيفة: “نحذر من أي خرق لوقف إطلاق النار ونعده انتهاكا للسيادة”.

بنود الاتفاق: دمج، نزع سلاح، وتمثيل سياسي

الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية وبتفاهم مباشر بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، يتضمن سلسلة من البنود السياسية والأمنية الرامية إلى استعادة سلطة الدولة واحتواء التوتر الطائفي.

وبحسب المعلومات التي أوردتها وسائل إعلام محلية، فإن الاتفاق ينص على عودة مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية إلى كامل مناطق محافظة السويداء، بما يشمل المراكز التي انسحبت منها القوات الحكومية في وقت سابق. كما يقضي الاتفاق بـدمج عناصر الفصائل المحلية، خصوصًا من أبناء الطائفة الدرزية، ضمن الأجهزة الأمنية الرسمية، في إطار خطة لإعادة هيكلة الأمن المحلي وإشراك القوى الأهلية في حفظ الاستقرار.

ويتضمن الاتفاق أيضًا تسليم جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي بحوزة المسلحين من الطرفين، سواء من الدروز أو من العشائر البدوية، على أن يبقى السلاح الفردي ضمن رقابة أمنية محددة. كما يتيح الاتفاق خروجًا آمنًا لمن يرفض الالتزام ببنوده، عبر ممرات خاصة خارج البلاد، وبضمانات دولية.

وعلى المستوى السياسي، تعهدت السلطة الانتقالية في دمشق بـمنح أبناء الطائفة الدرزية تمثيلاً فاعلاً في العملية السياسية المستقبلية، بما يعكس مكانتهم ضمن النسيج الوطني السوري. كما نص الاتفاق على محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات خلال فترة الاشتباكات، من الطرفين، وفق القانون السوري، دون تمييز أو استثناء.

وفي ما يتعلق بآليات التطبيق الميداني، تم الاتفاق على تشكيل وحدات أمنية مشتركة من أبناء السويداء، تعمل بالتنسيق مع القوى الرسمية لحفظ الأمن داخل المدينة ومحيطها، في مسعى لإعادة الثقة بين السكان المحليين والدولة.

الهجري يدعو للاحتكام للعقل: لا للسلاح، لا للفوضى

وفي أول تعليق داخلي على الاتفاق، أعلن شيخ العقل في الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، قبوله بنتائج التفاهمات، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وعودة الاستقرار إلى المحافظة.

وقال الهجري، في بيان نشرته صفحة الرئاسة الروحية على “فيسبوك”:  “نترحم على أرواح شهدائنا الأبرار الذين قضوا في الاعتداءات الأخيرة على أرض السويداء، من مدنيين أبرياء وشبان شجعان سقطوا مقاتلين دفاعًا عن كرامتهم وإنسانيتهم وهويتهم المعروفية. لم يكن أبناء الطائفة المعروفية يومًا دعاة فتنة أو تفرقة، بل كانوا نبراسًا في الإنسانية والتآخي، وكان جبلهم ملاذًا لكل مظلوم وخائف”.

وختم بالقول: “نجدد اليوم الدعوة للاحتكام إلى صوت العقل، ومدّ يد التعاون لكل إنسان شريف لإنهاء هذه الاشتباكات، ورفض السلاح والفوضى”.

واشنطن تعلن نجاح الوساطة… وباراك: فرصة لبناء سوريا جديدة

من جهته، أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، أن الاتفاق تم التوصل إليه بعد محادثات مباشرة بين نتانياهو والشرع، برعاية أميركية وبدعم من تركيا، الأردن، وعدد من دول الجوار.

وقال باراك في بيان نُشر على منصة “إكس”:  “هذا الاتفاق يحظى بدعم إقليمي واسع، وهو خطوة ضرورية لبناء هوية وطنية سورية جامعة تعيش بسلام مع جيرانها. لقد آن الأوان لنزع السلاح والانخراط في مشروع وطني موحد يضع حدًا للفوضى والاحتراب”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة “مارست ضغوطًا ديبلوماسية كثيفة” خلال الأيام الماضية لوضع حد للعنف، مؤكدًا أن “ما جرى في السويداء لا يجب أن يتكرر في أي بقعة من سوريا”.

وأضاف: “لن يكون هناك مستقبل مستقر لسوريا إلا بدولة قانون، تعددية، عادلة، تحتضن كل مكوناتها، دون سلاح خارج الدولة”.

من جانبها دعت الرئاسة السورية، أمس الجمعة، في بيان رسمي، إلى ضبط النفس، وأعلنت أنها أرسلت قوة أمنية متخصصة إلى الجنوب لفض الاشتباكات، بالتوازي مع مسار سياسي هدفه ترسيخ الهدوء والاستقرار.

وقالت الرئاسة في البيان: “سوريا دولة لكل أبنائها من الطائفة الدرزية وقبائل البدو على حد سواء، ولا مكان لأي طائفية أو تمييز. واجب الدولة حماية جميع المدنيين وضمان سلامتهم، وأي انتهاك يتعرضون له يمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة البلاد”.

الخلفية: اختطاف واتهامات وتدخل إسرائيلي

وتعود شرارة الاشتباكات إلى حادثة خطف تاجر خضار من مدينة السويداء الأحد الماضي، ما أثار سلسلة من عمليات الخطف المتبادل بين العشائر والدروز، تطورت بسرعة إلى مواجهات مسلحة واسعة.

ورغم إعلان القوات الحكومية تدخلها، أفادت تقارير وشهادات ميدانية بأن هذه القوات انحازت إلى جانب العشائر البدوية خلال الاشتباكات، ما زاد من حدة التوتر والغضب الشعبي في السويداء.

واتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان والفصائل الدرزية القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات في المدينة، فور دخولها إليها، مشيرين إلى سقوط 638 قتيلاً منذ اندلاع الاشتباكات، في واحدة من أكثر جولات العنف دموية منذ بدء المرحلة الانتقالية في سوريا.

وتزامن التصعيد مع غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع أمنية ومقار عسكرية في دمشق، وسط تبريرات إسرائيلية بـ”حماية الدروز”، ما أثار مخاوف من تدويل الصراع المحلي، وتقويض الجهود المبذولة لتثبيت سلطة الحكومة المؤقتة برئاسة الشرع، بعد سبعة أشهر فقط على إسقاط النظام السابق.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version