بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

تدريجياً، بدأت أفغانستان تستقطب زوّاراً من أنحاء العالم، يصلون إليها بالطائرات، أو على متن دراجات نارية، أو حتى بدراجات هوائية، متحدّين صورتها كبلد غارق في الحروب. وبينما لا تزال حكومة طالبان، التي سيطرت على البلاد قبل أكثر من ثلاث سنوات، تفتقر للاعتراف الدولي، فإنها ترحب بالوافدين بكل حماسة.

وقال نائب وزير السياحة، قدرت الله جمال، في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” مطلع يونيو، إن “الشعب الأفغاني مضياف بطبعه، ويرغب في استقبال السياح والتواصل معهم”، مؤكداً أن الحكومة تنظر إلى السياحة باعتبارها رافعة اقتصادية يمكن أن تعود بالنفع على فئات واسعة من المجتمع.

ورغم استمرار عزلة أفغانستان على الساحة الدولية بسبب القيود الصارمة المفروضة على النساء، ترى طالبان في قطاع السياحة فرصة اقتصادية واعدة. وأوضح جمال أن الإيرادات الناتجة عن هذا القطاع باتت ملموسة، وأن الحكومة تطمح إلى تنميته ليصبح جزءاً رئيسياً من الاقتصاد الوطني.

سياحة محدودة وإقبال حذر

مع تسهيل الحصول على التأشيرات ووجود رحلات جوية منتظمة من محاور عبور دولية مثل دبي وإسطنبول، بدأ عدد الزوّار الأجانب في الارتفاع، وإن كان لا يزال محدوداً. فقد زار البلاد نحو 9,000 سائح أجنبي العام الماضي، فيما سُجّلت 3,000 زيارة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بحسب جمال.

لكن أفغانستان لا تزال تواجه تحديات أمنية، رغم تراجع وتيرة التفجيرات والهجمات منذ سقوط الحكومة المدعومة من الغرب في أغسطس 2021. فقد شهدت منطقة باميان، التي تضم بقايا تماثيل بوذا الشهيرة، هجوماً في مايو 2024 أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم ثلاثة سياح إسبان.

ورغم تحذيرات الدول الغربية من السفر إلى أفغانستان، تصر الحكومة على أن البلاد باتت أكثر أماناً، وتدعو العالم لاكتشاف “حياة الأفغان وإبداعهم وصمودهم”، وفق تعبير جمال.

معضلة أخلاقية لدى بعض الزوار

لكن زيارة بلد يفرض قيوداً صارمة على النساء، تطرح إشكالية أخلاقية لدى كثير من السياح. فالنساء الأفغانيات محرومات من التعليم الثانوي والجامعي، ممنوعات من دخول المتنزهات والصالات الرياضية، ويُفرض عليهن ارتداء النقاب. كما تم حظر صالونات التجميل بشكل تام.

بعض السيّاح، مثل الفرنسية-البيروفية إلاري غوميز وشريكها البريطاني جيمس ليديارد، ناقشوا هذه المعضلة طويلاً قبل اتخاذ قرار السفر. تقول غوميز: “أمور كثيرة لم تكن مريحة أخلاقياً”. إلا أن ليديارد أشار إلى أن أموالهم ذهبت إلى الناس العاديين، لا إلى الحكومة، مضيفاً: “نحن نساهم في دعم السكان، لا النظام”.

السياحة كأداة دبلوماسية

يرى المسؤولون في طالبان أن فتح البلاد أمام الأجانب يشكّل أيضاً وسيلة لبناء علاقات دولية. واعتبر جمال أن التبادل السياحي يساهم في “تقريب الشعوب، وتعزيز التفاهم المتبادل، وتبادل الخبرات الثقافية”، مشدداً على أن الزائر الأجنبي الذي يشاهد الحياة الأفغانية عن قرب، “يبني جسوراً من الثقة والاحترام بين الشعوب”.

رغم أن معظم القيود لا تزال مفروضة بصرامة على النساء الأفغانيات، إلا أن النساء الأجنبيات يحظين بمرونة نسبية، إذ يُسمح لهن غالباً بدخول أماكن ممنوعة على المحليات، وغالباً لا يُطلب منهن تغطية وجوههن، وإن كان الحجاب لا يزال إلزامياً في الأماكن العامة.

وبينما تبقى الأبواب مواربة أمام الزوار، تراهن حكومة طالبان على أن هذا الانفتاح الجزئي قد يفتح آفاقاً اقتصادية، وربما سياسية، في مستقبل ما يزال غامضاً.

شاركها.
اترك تعليقاً