ورغم تراجع القدرة الشرائية للسكان والتركيز بشكل أكبر على توفير الاحتيجات الغذائية والصحية في ظل الحرب الحالية المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023، إلا أن خدمات الاتصالات تعتبر حيوية جدا للسودانيين حيث يعيش أكثر من 15 مليون منهم في مناطق النزوح واللجوء في الداخل والخارج.

وقبل عامين من اندلاع الحرب قدرت وزارة الاتصالات والتحول الرقمي عدد مشتركي شرائح الاتصالات بنحو 30 مليون شخص من إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليون نسمة، في حين قدرت عدد مستخدمي الإنترنت بنحو 12 مليون شخص.

وتعرض قطاع الاتصالات لأضرار كبيرة بسبب الحرب، كما تأثر القطاع بالانقطاع المستمر في خدمات الكهرباء.

وبرر جهاز تنظيم الاتصالات والبريد القرار بأنه “إجراء إحترازي للمهددات الأمنية”. وأكد أن باقي خدمات التطبيق، مثل الرسائل النصية والمشاركة عبر المجموعات، ستكون متاحة كالمعتاد دون أي تقييد.

لكن مختصين رأوا أن الهدف من القرار لا يقتصر على البعد المتعلق بالتهديدات الأمنية فقط، مبديا مخاوفهم من احتمالية استخدام الحظر لتتبع ومراقبة هواتف الناشطين السياسيين وهو أمر لا تتيحه خدمات الاتصال عبر الإنترنت.

ولا يغيب الجانب التجاري عن الأهداف المحتملة للقرار، خصوصا في ظل تراجع إيرادات العديد من شركات الاتصالات بسبب الحرب والانخفاض الحاد للجنيه السوداني الذي فقد نحو 438 في المئة من قيمته خلال العامين الماضيين.

دوافع وتوقعات

يشير الخبير في مجال الاتصالات المهندس عمار حمودة إلى وجود دوافع أمنية وسياسية وتجارية اقتصادية وراء القرار، لكنه ينبه إلى أنه سيزيد من التكاليف المالية والتعقيدات الفنية للمستهلك العادي.

ويقول حمودة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ستكون للقرار انعكاسات متباينة، فبالنسبة للمستهلك سيحرم من خدمة كانت توفر له خدمات اتصالات منخفضة نسبيا في ظل تشتت الأسر في عدة دول، أما بالنسبة لمشغلي الاتصالات فستزيد من إيرادت خدمات المكالمات العادية بعد التراجع الكبير الذي حدث بسبب الحرب وانخفاض الجنيه، لكنها في نفس الوقت قد تقلص مبيعات خدمة البيانات”.

وحول توقعاته بإمكانية نجاح تطبيق القرار، يقول حمودة “رغم التأثير المحتمل على قطاع واسع من المستهلكين، لا يمكن الجزم بإمكانية نجاح التطبيق الكامل للقرار في ظل إمكانية استخدام البعض لتطبيقات عابرة للحدود لديها إمكانية كسر الحظر أو استخدام أرقام وشرائح لدول أخرى”.

بعد أمني

الجدل حول تشغيل وحجب تطبيقات الاتصال الصوتي والمرئي ليس جديدا لكنه اكتسب زخما أكبر في ظل الحرب الحالية وما صاحبها من تداعيات أمنية وسياسية واقتصادية. وفي السابق كان الحديث يتمحور حول البعد الاقتصادي والتجاري، لكن في ظل الحرب الحالية برز العامل الأمني بقوة، خصوصا مع تزايد الملاحقات الأمنية.

واعتبر الكاتب الصحفي خالد أبو أحمد أن القرار يعكس ليس فقط ‏توجها نحو مزيد من “القبضة الأمنية، بل انكشافا لإشكالات كثيرة يعاني منها ‏النظام، وشكوك قلقة داخله بأن أمورا تجري في السر لا يعرف لها مكمن”.

ويوضح: ” لم يكن القرار وليد اللحظة، بل هو استجابة مرتبكة لصراع داخلي يحتدم بين ‏أطراف التنظيم المختلفة من عسكريين ومدنيين”.

ويرى أن الحجب يعبر عن خوف عميق من ‏فقدان السيطرة على الأوضاع، ومنع تدفّق المعلومات خارج حدود المنصات ‏الخاضعة للرقابة.

شاركها.
اترك تعليقاً