بقلم: يورونيوز
نشرت في
في الوقت الذي كانت فيه سوريا تأمل أن تبدأ صفحة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، عادت أجواء البلاد لتكون مسرحًا للصراعات الخارجية، حيث تحولت السماء السورية إلى ساحة معارك جوية بين إيران وإسرائيل، ليصبح المدنيون أحد مظاهر الخسائر الجانبية لهذا الصراع غير المعلن، مع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة فوق رؤوسهم ليل نهار.
مشاهد مرعبة تُوثقها الكاميرات
أصبحت حوادث اعتراض الصواريخ في سماء المدن السورية جزءا من المشهد اليومي التي يعتاد عليها السكان، خاصة في محافظات دمشق ودرعا والقنيطرة والسويداء وطرطوس، حيث سجلت كاميرات المراقبة ومواطنون مشاهد لسقوط طائرات مسيرة وصواريخ في مناطق سكنية وزراعية، ما أسفر عن خسائر كبيرة في الممتلكات، وصلت إلى حد القتل في بعض الحالات.
من أبرز هذه الحوادث، ما وقع في مدينة طرطوس قبل أيام، عندما استهدفت طائرة مسيرة منزلًا سكنيًا، ما أدّى إلى احتراق المنزل بالكامل ومقتل امرأة داخله. الحادثة التي لم تُعلَن المسؤولية عنها رسميًا حتى اللحظة، فتحت جرحًا جديدًا لدى الأهالي الذين يعيشون تحت وطأة الخوف من “السماء”.
حكومة الشرع: صمتٌ في وجه الدمار
في ظل هذه التطورات، عمدت الحكومة السورية المؤقتة برئاسة أحمد الشرع بالإعلان إلى إغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران، دون تقديم تعليق مباشر على الاعتداءات الإسرائيلية أو التصعيد الإيراني، مما يثير استغراب المواطنين وقلقهم حول مصيرهم في ظل غياب واضح للحماية والتعويض.
“لا أحد يسألنا عن خسائرنا”، يقول أبو محمد، أحد سكان درعا، الذي تعرض منزله لأضرار جزئية نتيجة سقوط شظايا طائرة مسيّرة. ويضيف: “لا تعويضات، لا دعم، فقط ننتظر الموت كل ليلة”.
هل أصبحت سوريا جبهة دائمة للصراع الإقليمي؟
رغم انسحاب القوات الإيرانية من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، واستمرار تواري الفصائل الموالية لطهران إلا أن الأجواء السورية ما تزال مسرحًا للتصعيد بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية.
فإسرائيل، التي لم تتوقف عن التأكيد على خطورة المشروع الإيراني في المنطقة، يبدو أنها لا تزال تتعامل مع الأجواء السورية كمجالٍ لرد الاعتبار أو الردع، حتى في ظل غياب المعالم الإيرانية السابقة على الأرض.
وتستفيد تل أبيب بشكل كبير من الوضع الحالي في دمشق، حيث بات مجالها الجوي متاحًا لها بعد أن استهدفت خلال الأشهر الماضية جميع المقدرات العسكرية التابعة للدفاعات الجوية السورية والطيران العسكري، ما مكنها من التحرك بحرية لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف إيرانية أو لاعتراض طائرات مسيرة وصواريخ إيرانية فوق الأراضي السورية.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة فوق سوريا قد تكون رسالة سياسية أكثر منها عملية، موجهة إلى النظام الجديد وإلى القوى الإقليمية والدولية حول مستقبل التواجد الأجنبي في البلاد.
ويتساءل كثير من السوريين إن كانت هذه الحرب الجديدة فوق رؤوسهم ستُحسم بعيدًا عن مصالح الدول الكبرى، أم أنها مجرد فصل جديد من المعاناة، تُدفع ثمنه المجتمعات المحلية من دمائهم وأرزاقهم.