نشرت في
•آخر تحديث
اعلان
يُعدّ موقع مولدوفا الجغرافي وتركيبتها السياسية هدفًا رئيسيًا لعمليات التضليل الإعلامي المؤيدة لروسيا والمعادية للاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لدراسة، كثّفت حملة التضليل الإعلامي المتطورة الموالية لروسيا، والمعروفة باسم “ماتريوشكا”، جهودها لنشر الدعاية في مولدوفا. وتهدف الحملة إلى تشويه سمعة حكومتها المؤيدة للاتحاد الأوروبي مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وأفادت أداة الشفافية “نيوز غارد” (NewsGuard) أن العملية روّجت ادعاءات كاذبة بأن رئيسة مولدوفا مايا ساندو اختلست 24 مليون دولار (20 مليون يورو) وأنها مدمنة على “المخدرات النفسية”.
وأضافت أن حملة واحدة فقط استهدفت مولدوفا بـ 39 قصة ملفقة خلال ثلاثة أشهر منذ الدعوة للانتخابات في أبريل/ نيسان من هذا العام، مقارنةً بصفر في العام السابق.
حملة روسية لنشر الأخبار الكاذبة بشأن مولدوفا
وتعتبر حملة “ماتريوشكا” عملية منسقة موالية لروسيا، ومعروفة بين مدققي الحقائق بنشرها تقارير إخبارية كاذبة معتمدة أسلوب وسائل الإعلام الموثوقة.
سبق أن نشرت معلومات مضللة حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 والحرب في أوكرانيا. ووفقًا لموقع “نيوز غارد”، فإن الروايات الكاذبة التي نشرتها “ماتريوشكا” عن مولدوفا اتخذت مؤخرًا شكل تقارير صادرة عن بي بي سي، والإيكونوميست، ويورونيوز، من بين 20 جهة أخرى.
سبق أن فضح موقع Euroverify عددًا من مقاطع الفيديو المزيفة، التي أُنتجت باستخدام شعار يورونيوز ورسوماتها، والتي استهدفت تعامل مولدوفا مع قضايا الصحة الجنسية والفساد والهجرة غير الشرعية.
وأضاف موقع نيوز غارد بأن “العديد من الادعاءات الواردة في التقارير الإخبارية الزائفة اتهمت ساندو وحزبها بالفساد”.
على سبيل المثال، زعم مقطع فيديو نُشر في أبريل/ نيسان 2025 يحمل شعار هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن منظمة الصحافة الاستقصائية “بيلينغكات” (Bellingcat)، أفادت بأن الرئيسة المولدوفية كان لديها عشيق سري، سرق 24 مليون دولار من أموال الحكومة، بمساعدة ساندو.
لا يوجد أي سجل يُظهر أي تقارير حول هذه الادعاءات من قِبل هيئة الإذاعة البريطانية أو بيلينغكات، ولم تجد “نيوز غارد” أي دليل على صحتها.
تعزيز الدعاية بلغات عدّة
كما عززت شبكة نفوذ مقرها موسكو تُدعى “برافدا” من انتشار دعاية “ماتريوشكا”، مستخدمةً خدماتها بلغات مختلفة للإبلاغ عن الفيديوهات المزيفة.
على سبيل المثال، نشرت الخدمة باللغة الرومانية مقالًا عن إدمان مايا ساندو المزعوم للمخدرات، مستخدمةً شعار الجمعية الأمريكية لعلم النفس في محاولة للتظاهر بالشرعية.
كما وجدت “نيوز غارد” أن روبوت الدردشة “تشات جي بي تي” (ChatGPT) المتخصص في الذكاء الاصطناعي استخدم مقالات شبكة “برافدا” هذه كدليل.
زعمت رواية انتشرت على نطاق واسع أن ساندو زوّرت انتخاباتها باستخدام أصوات الغائبين، وظهرت لأول مرة في مقطع فيديو مزيف لهيئة الإذاعة البريطانية نُشر في قناة تلغرام مؤيدة للكرملين. ذكر الفيديو أن 42% من أصوات الناخبين الغائبين في الانتخابات الرئاسية لمولدوفا لعام 2024 أُدلي بها باستخدام هويات أشخاص متوفين.
نسب الفيديو هذا الادعاء إلى “بيلينغكات”، مقتبسًا زورًا عن مؤسسها “إليوت هيغينز” قوله: “ستكون هذه المعلومات صادمة للغاية لمواطني مولدوفا، الذين يجب عليهم الانتباه إليها واتخاذ الإجراءات اللازمة”.
وعند سؤاله عن نسبة 42% المزعومة من أصوات الغائبين التي أدلى بها “الموتى”، أشار “تشات جي بي تي” إلى “قوائم الناخبين القديمة” و”مخاطر الاحتيال في التصويت الغيابي”، مستشهدًا بمقال من صحيفة “برافدا” يحتوي على فيديو مزيف لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
ووفقًا لموقع “نيوز غارد” نقل “تشات جي بي تي” عن مقال صحيفة “برافدا” ما يلي: “أشار تحليل قائم على نموذج أُجري في يونيو/ حزيران 2025 (ربما يكون مرتبطًا ببيلينغكات) إلى أن 42% من أصوات الناخبين “البعيدين” (الشتات) تطابقت مع ملفات تعريف الناخبين المتوفين”.
سعي للتأثير على توجّه مولدوفا نحو أوروبا
وتقول الدراسة إن سيل الادعاءات الكاذبة الموجهة إلى مولدوفا يظهر أن الكرملين يريد أن يبذل كل ما في وسعه لمنع مولدوفا من التحول غربا نحو بقية أوروبا.
مع اقتراب موعد الانتخابات، لا تزال مولدوفا، الدولة المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، هدفًا رئيسيًا للتضليل الإعلامي الموالي لروسيا، نظرًا لموقعها بين دوائر نفوذ أوروبا الشرقية والغربية، والتوترات الداخلية بين الفصائل المؤيدة لأوروبا والموالية لروسيا.
من المعروف أن الدعاية الروسية تستهدف أوروبا الشرقية تحديدًا، نظرًا لممارسات راسخة في السياسة الخارجية والداخلية تهدف إلى إعادة استيعاب تلك الدول أو إبقاءها ضمن نطاق نفوذها التاريخي، حيث يسعى العديد منها – أو سعى بالفعل – إلى توثيق علاقاته مع أوروبا.
جدير بالذكر أن روسيا تتواجد عسكرياً على أراضٍ تعتبر بحسب القانون الدولي تابعة لمولدوفا في أراضي جمهورية ترانسنيستريا الانفصالية، وهي شريط حدودي بين أوكرانيا ومولدوفا بمساحة نحو 4 آلاف كلم مربع. ولا تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة بما في ذلك روسيا بهذه الدولة.
في مارس/آذار 2022، اعتمدت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا قرارًا يحدد هذه المنطقة على أنها تحت الاحتلال العسكري من قبل روسيا.