نشرت في •آخر تحديث
ناقشت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة إمكانية رفع العقوبات المفروضة على الرئيس السوري بشار الأسد، شريطة اتخاذ خطوات ملموسة للابتعاد عن إيران ووقف تهريب الأسلحة إلى حزب الله، وفقًا لمصادر مطلعة.
وقالت خمسة مصادر لوكالة “رويترز” إن المحادثات حول سوريا تكثفت مؤخرًا، مع اقتراب انتهاء صلاحية العقوبات الأمريكية الشاملة في 20 ديسمبر/كانون الأول. يأتي ذلك في ظل الحملة الإسرائيلية ضد حلفاء إيران مثل حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والأصول الإيرانية في سوريا.
وجرت هذه المناقشات قبل الهجوم الواسع الذي شنته المعارضة المسلحة على حلب الأسبوع الماضي، وهو الهجوم الأكبر منذ سنوات. ويُعتبر التقدم الجديد للمعارضة مؤشرًا على ضعف التحالف بين الأسد وإيران، وهو ما تسعى المبادرة الإماراتية والأمريكية إلى استغلاله. ومع ذلك، إذا قرر الأسد الاستعانة بالمساعدة الإيرانية في شن هجوم مضاد، فقد يعقد ذلك الجهود الرامية إلى “دق إسفين بينهما”، وفقًا للمصادر.
دعم إيراني في ظل المبادرة الإماراتية
وفي هذا السياق، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سوريا يوم الأحد، مؤكدًا دعم طهران للأسد. كما تحدث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، مع الأسد عبر الهاتف بشأن التطورات الأخيرة.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة والإمارات تريان فرصة في الفصل بين الأسد وإيران، التي ساعدته في استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد منذ بدء الحرب الأهلية عام 2011. وأضافت أن إسرائيل قد اقترحت رفع العقوبات الأمريكية على سوريا، لكن المبادرة الإماراتية مع واشنطن لم يتم الإبلاغ عنها من قبل. جميع المصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها لمناقشة هذه الدبلوماسية غير المعلنة.
الجهود العربية لفصل الأسد عن إيران
وكانت الإمارات قد لعبت دورًا قياديًا في إعادة تأهيل الأسد في العالم العربي، حيث استضافته في 2022 في أول زيارة له لدولة عربية منذ بداية الحرب، قبل أن تعيد جامعة الدول العربية عضويته. ووفقًا للمصادر، كانت الإمارات تأمل منذ فترة في فصل الأسد عن إيران لتعزيز علاقاتها التجارية مع سوريا، لكن العقوبات الأمريكية حالت دون ذلك.
وقال دبلوماسي إقليمي إن إيران أُبلغت بـ”جهود سرية من بعض الدول العربية لعزل إيران من خلال إبعاد سوريا عنها”، مشيرًا إلى أن هذه الجهود ترتبط بعروض محتملة لتخفيف العقوبات من واشنطن.
نهج العصا والجزرة
وقد تدخل حزب الله وإيران في سوريا منذ عام 2012 لدعم الرئيس بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة. ومع ذلك، تعرضت قواعدهم وشحنات الأسلحة عبر سوريا لعدة ضربات من قبل إسرائيل، التي تهدف إلى إضعاف إيران في المنطقة بشكل عام.
وفي الأشهر الأخيرة، سحب حزب الله بعض مقاتليه من سوريا، بما في ذلك من المناطق الشمالية، للتركيز على القتال ضد إسرائيل في جنوب لبنان. وقد أشار المسلحون الذين اجتاحوا حلب هذا الأسبوع إلى انسحاب حزب الله كأحد الأسباب التي أدت إلى مقاومتهم المحدودة من قبل القوات الحكومية.
وقال مصدر أمريكي مطلع على المفاوضات إن مسؤولي البيت الأبيض ناقشوا مع المسؤولين الإماراتيين مبادرة تشير إلى اهتمام الإمارات بتمويل جهود إعادة إعمار سوريا، و”موقف الأسد الضعيف” بعد الهجمات الإسرائيلية على حزب الله. وذكر المصدر أن احتمالية تخفيف العقوبات على الأسد، في ظل الضغوط الإسرائيلية على حلفاء إيران، خلقت “فرصة” لتطبيق “نهج العصا والجزرة” بهدف تفكيك التحالف بين سوريا وإيران وحزب الله.
تخفيف العقوبات
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا بعد أن شن الرئيس بشار الأسد حملة صارمة ضد الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، وتم تشديد هذه العقوبات عدة مرات خلال سنوات الحرب التي تلت ذلك. في عام 2019، أقر الكونجرس الأمريكي قانون “قيصر” الذي يعد من أشد العقوبات المفروضة، والذي يشمل قطاعات الأعمال السورية ويستهدف أي شخص يتعامل مع سوريا، بغض النظر عن جنسيته، وأيضًا من يتعامل مع كيانات روسية وإيرانية داخل سوريا.
وكان الرئيس الأسد قد وصف هذه العقوبات بأنها “حرب اقتصادية” وألقى باللوم عليها في انهيار العملة السورية وتدهور مستوى المعيشة. ومن المقرر أن تنتهي صلاحية هذه العقوبات، أو قد تُلغى، في 20 ديسمبر المقبل ما لم تقم الجهات التشريعية الأمريكية بتجديدها.
وفقًا لمصدر أمريكي وثلاثة محاورين سوريين، فقد تركز جزء من المناقشات الأمريكية الإماراتية الأخيرة على إمكانية السماح بانتهاء صلاحية عقوبات قيصر دون تجديد. وأشار أحد المحاورين السوريين إلى أن الإمارات أثارت مسألة السماح بانتهاء صلاحية هذه العقوبات مع المسؤولين الأمريكيين قبل شهرين، بعد أن حاولت بلا جدوى تخفيف العقوبات على الأسد لمدة عامين على الأقل عقب الزلزال المميت الذي ضرب سوريا في فبراير/شباط 2023.
الأسد يلعب بالنار
ومنذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، والحرب الدامية الذي شنتها الدولة العبرية للرد عليه، عملت إيران على تعزيز شبكة تحالفاتها في المنطقة لدعم العمليات ضد إسرائيل. ومع ذلك، تجنب الرئيس السوري بشار الأسد إلى حد كبير الانخراط المباشر في هذه الحرب، حتى في ظل الهجمات الإسرائيلية على أهداف لحزب الله في سوريا وقصف مجمع دبلوماسي إيراني في العاصمة دمشق، وفقًا لـ “رويترز”.
وفي هذا الصدد، ذكر مسؤول أمريكي أن الأسد اختار “الجلوس خارج الحرب” لتفادي التعرض لمزيد من الضغوط والهجمات الإسرائيلية على سوريا، وكان تحت “ضغوط هائلة” لعدم السماح لحزب الله بإعادة التسلح من خلال الأراضي السورية. بدورها، أشارت إسرائيل إلى أنها مستمرة في مراقبة الوضع في سوريا عن كثب. وعندما أعلنت عن قبولها باتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان الأسبوع الماضي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تبذل جهودًا لمنع محاولات إيران وحزب الله والجيش السوري من إدخال الأسلحة إلى لبنان، محذرًا الأسد قائلاً: “يجب أن يفهم الأسد – إنه يلعب بالنار”. كما صرّح الجيش الإسرائيلي بأنه يتابع عن كثب ما يجري في سوريا وسيضمن عدم استغلال إيران للأوضاع لنقل أسلحة لحزب الله.
قواتنا لا تعمل خارج العراق
في أعقاب التقارير التي أفادت بدخول آلاف المقاتلين من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران إلى سوريا بين ليلة الأحد والاثنين لمساندة الحكومة السورية في مواجهة المسلحين الذين استولوا على مدينة حلب الأسبوع الماضي، نفى رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض دخول أي من قوات الحشد إلى سوريا.
وقال الفياض في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية: “قواتنا لا تعمل خارج العراق”، مؤكدًا أن الوضع في سوريا له “انعكاسات مباشرة على الأمن القومي العراقي”.
إيران وروسيا واتصالات مكثفة
وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان، ناقش خلاله الطرفان الأوضاع في سوريا وأكدا دعمهما للسلطات السورية في تحقيق الوحدة والسيادة. كما شدد الجانبان على أهمية تنسيق الجهود بمشاركة تركيا ضمن صيغة أستانا كوسيلة لحل الأزمة.
وفي المقابل، أفادت وكالة تاس الروسية بأن الرئيسين أشارا إلى ضرورة الاستمرار في التعاون من أجل تحقيق استقرار المنطقة، في وقت تشهد فيه سوريا تصعيدًا غير مسبوق للعنف.
وأعلنت المعارضة السورية المسلحة الاثنين عن سيطرتها الكاملة على مطار النيرب العسكري في حلب، ومدرسة المشاة العسكرية.