طالبت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني صربيا بوقف أنشطتها المزعزعة لاستقرار بلادها والتوقف عن دعم “العصابات الإجرامية”، في حين اشترط رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش انسحاب رؤساء البلديات في شمال كوسوفو لتخفيف التوتر.
وكثفت قوات حفظ السلام الدولية التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في كوسوفو انتشار عناصرها في البلديات الأربع التي تشهد اضطرابات بين الأقلية الصربية وحكومة بريشتينا شمالي البلاد، مع تحذير مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من خطورة الوضع.
ومنذ 26 مايو/أيار الجاري ينظم صرب كوسوفو في شمال البلاد احتجاجات لمنع رؤساء بلديات ألبان منتخبين حديثا من دخول مباني البلديات لبدء مهامهم.
وتولى رؤساء البلديات مناصبهم بعد الفوز بانتخابات محلية نظمت الشهر الماضي في 4 بلديات معظم سكانها من الصرب الذين قاطعوا الانتخابات إلى حد كبير، ولم يشارك في الاقتراع سوى 1500 ناخب من أصل 45 ألفا مسجلين.
وفي هذا الإطار، رأى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن الخطوة الأكثر أهمية لتخفيف التوتر في كوسوفو هي انسحاب رؤساء البلديات المزعومين في الشمال.
ويحضر الرئيس الصربي القمة الثانية لما يعرف بالمجمع السياسي الأوروبي بمشاركة قادة الاتحاد في العاصمة المولدوفية كيشيناو.
وجاء في بيان الرئاسة الصربية أن فوتشيتش سيجري المحادثات مع الزعماء الأوروبيين، ومن بينهم المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
من جهتها، قالت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني إنها تعمل على احتواء الموقف رغم تعقيداته، وأشارت إلى وجود أطراف خارجية تحاول زعزعة الاستقرار.
وأضافت عثماني على هامش القمة ذاتها “الوضع متوتر لكن علينا أن نتأكد من استعادة سيادة القانون في كوسوفو، وندرك أن التهديد الحقيقي يأتي من إنكار صربيا لوجود كوسوفو بصفتها دولة ذات سيادة”.
وأكدت أن على الرئيس الصربي “إذا أراد سلاما حقيقيا وقف دعم العصابات الإجرامية”.
وبشأن موقف الولايات المتحدة الأخير مما يحدث في شمال البلاد، قالت عثماني إن كوسوفو لا تريد الإضرار بعلاقاتها مع الولايات المتحدة وستواصل المحادثات من أجل خطوات لتنسيق أفضل في المستقبل.
وتنقل المصادر الصربية إمكانية عقد مباحثات غير مباشرة بين الرئيس الصربي ونظيرته الكوسوفية على هامش قمة مولدوفا.
قوات إضافية
وقرر الناتو مساء الثلاثاء إرسال 700 جندي إضافي إلى مناطق التوتر، الأمر الذي رحبت به حكومة كوسوفو في حين انتقدته صربيا معتبرة أن قوات حفظ السلام تجاوزت النطاق القانوني لعملها، وأنها تساعد شرطة كوسوفو على احتلال مقار البلديات.
في المقابل، أكد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، اليوم الخميس، أن إرسال قوات إضافية إلى كوسوفو “لا يعني أن الحلف يستبعد وجود حل سياسي محتمل” للاشتباكات الجارية.
وأضاف للصحفيين، على هامش اجتماع لوزراء خارجية الحلف في أوسلو، أن الحلف يرسل قوات بهدف “المساعدة في تهدئة التوترات”، وأن وضع كتيبة الناتو على أهبة الاستعداد هو لمواجهة الأمر في “حالة تفاقم الوضع”.
دعوة أميركية للتهدئة
ودعت أميركا صربيا وكوسوفو إلى تهدئة التوترات فورا في شمال كوسوفو، وألقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن باللائمة على بريشتينا في أسوأ أعمال عنف تندلع في البلاد منذ عقد، حيث أصيب 30 من عناصر حفظ السلام وعشرات المتظاهرين الصرب في الاشتباكات التي وقعت أخيرا بين الجانبين.
وحث بلينكن، في بيان مساء الثلاثاء، رؤساء البلديات من أصل ألباني والمنتخبين حديثا على تفادي العمل في بلدات ذات أغلبية صربية. وقال إنه يتعين على شرطة كوسوفو أيضا أن تنسحب، كما يتعين على صربيا أن تدعو قواتها للانسحاب بعدما وضعها الرئيس الصربي في حالة تأهب قصوى وأمر بتحرك وحدات عسكرية في اتجاه الحدود.
كما شددت موسكو على ضرورة احترام حقوق صرب كوسوفو الذين يواصلون احتجاجاتهم.
ومع ذلك، رفض رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي دعوة الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمة، إذ أعلن أن شرطة كوسوفو ستبقى في الأجزاء الشمالية من البلاد رغم أن وجودها أثار احتجاجات عنيفة.
ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن كورتي قوله، أمس الأربعاء، في مؤتمر “غلوبسيك” للأمن الدولي في براتسلافا عاصمة سلوفاكيا، “طالما كانت هناك هذه المجموعة العنيفة بالخارج مستعدة للهجوم.. يجب أن تكون لدينا وحداتنا الخاصة في مباني البلدية”.
وتجاهل كورتي دعوات لإلغاء الانتخابات المحلية التي تسببت في احتجاجات من الأغلبية الصربية العرقية بشمال البلاد وعندما قاطع الصرب الانتخابات، كما تجاهل مجددا مخاوف داعميه لتعيين رؤساء بلديات من العرقية الألبانية في بلدات تقطنها أغلبية صربية.
على صعيد آخر، دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأطراف المعنية بالتوتر الحادث في شمال كوسوفو إلى تجنب خطاب الكراهية الباعث على الانقسام.
وقال المجلس عبر تويتر “نشعر بالقلق إزاء أعمال العنف الأخيرة (في كوسوفو) التي أسفرت عن إصابة عشرات من قوات حفظ السلام والمحتجين، يجب صون حقوق الإنسان لكل من يعيش في كوسوفو”.