رحّبت السعودية والولايات المتحدة باتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في 20 مايو/أيار الجاري لمدة 5 أيام إضافية، فيما حذّر مفوض أممي من أن التقديرات التي تشير إلى احتمال فرار زهاء مليون شخص من السودان جراء الاشتباكات بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل ربما تكون متحفظة.
وقال مكتب الشؤون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية الأميركية إن التمديد سيوفر الوقت لمزيد من المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية، مشيرا إلى أن الاتفاق الذي وقع في 20 مايو/أيار الحالي -بالرغم من عدم احترامه بشكل كامل- مكّن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى نحو مليوني سوداني.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن طرفي الهدنة اتفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، كما أكدا ضرورة إخلاء المستشفيات من الجهات المسلحة.
ورحّب المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف باتفاق القوات المسلحة والدعم السريع على تمديد وقف إطلاق النار 5 أيام أخرى، ودعا المتحدث نفسه إلى الالتزام الصارم بنصوص الاتفاق، وتركيز الجهود على معالجة الوضع الإنساني المتدهور بشدة بعد أن فاقت معاناة الناس الحدود، بحسب تعبيره.
اشتباكات وقصف
وتصاعدت حدّة الاشتباكات بين طرفي النزاع في مناطق عدة من الخرطوم قبل ساعات من انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار أمس الاثنين. وأفاد مراسل الجزيرة بأن الطائرات الحربية قصفت مواقع لقوات الدعم السريع حول جسر الحلفايا بالخرطوم بحري، كما أفاد بسماع دوي انفجارات وأصوات أسلحة ثقيلة جنوبي العاصمة، ودارت اشتباكات جنوبي الخرطوم وغربها استخدمت فيها مختلف الأسلحة.
كما قصف الطيران الحربي مواقع للدعم السريع بمنطقة شرق النيل التي ردت بدورها بالمضادات الأرضية.
وأفاد مراسل الجزيرة بتجدد الاشتباكات بين الجانبين في مدينة نيالا غربي السودان.
وانقضت مساء أمس الاثنين مهلة اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى بوساطة أميركية سعودية، في حين تتواصل انتهاكات الطرفين للهدنة التي تتزايد الدعوات لتمديدها، ويتبادل طرفا النزاع الاتهام بخرق الهدنة التي كان من المفترض أن تفسح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للمدنيين.
ولكن حتى اليوم الأخير من الهدنة، وصلت الإمدادات في الخرطوم إلى عدد محدود من المستشفيات التي خرج معظمها من الخدمة بسبب القتال، كذلك لا يزال المواطنون يعانون ندرة الموارد الغذائية ومياه الشرب وانقطاعات الكهرباء والاتصالات.
ويطالب الوسطاء من الولايات المتحدة والسعودية طرفي النزاع في السودان بـ”تمديد وقف إطلاق النار الحالي، ليمنح ممثلو العمل الإنساني مزيدا من الوقت للقيام بعملهم الحيوي”، بحسب بيان مشترك للرياض وواشنطن أمس الأحد.
وتأتي الدعوات إلى التمديد وسط تحذيرات من الأمم المتحدة بانضمام بعض المدنيين والمسلحين القبليين والمتمردين إلى النزاع الحالي.
أوضاع دارفور
وفي إقليم دارفور غربي البلاد تزداد الأوضاع تدهورا، إذ كتب طوبي هارورد المدير الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان على حسابه على تويتر: “يتجاهل القتال بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية”.
وأضاف “أدت موجات القتال المتكررة خلال الأيام الماضية في الفاشر، شمال دارفور، بما في ذلك معسكر أبو شوك للنازحين، إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين ونهب منازل ونزوح جديد”.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن مقتل المئات ونزوح 1.4 مليون شخص داخليا، ولجوء نحو 350 ألفا آخرين إلى دول الجوار.
وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (إيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
تحذير أممي
في السياق نفسه، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي -أمس الاثنين- إن التقديرات التي تشير إلى احتمال فرار زهاء مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ربما تكون متحفظة، محذرا من أن الصراع هناك ينذر بتزايد عمليات تهريب البشر، وانتشار الأسلحة في منطقة “هشة”.
وأضاف غراندي في مقابلة في العاصمة المصرية القاهرة، بعد زيارة للحدود مع السودان، أن المفوضية توقعت في وقت سابق مغادرة نحو 800 ألف سوداني و200 ألف شخص من جنسيات أخرى السودان على مدى 6 أشهر، مشيرا إلى أن هذا التوقع، بالوصول إلى هذه الأرقام المرتفعة في الأشهر القليلة المقبلة “ربما يكون متحفظا.. في البداية لم أكن أعتقد أن ذلك سيتحقق، لكنني الآن بدأت أشعر بالقلق”.
وتابع أن انهيار القانون والنظام في السودان “ومسارعة الكثيرين للرحيل” سيوفران أرضا خصبة للاتجار بالبشر، بينما من الممكن أن تهدد الأسلحة التي يجري تداولها عبر الحدود بوقوع مزيد من العنف.
وفي سياق متصل، قالت منظمة “أطباء حول العالم” إنها رصدت مقتل طبيب سوداني برصاصة في صدره، واختطاف 3 أطباء آخرين واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
وأضافت المنظمة -في بيان- أنها وثقت تحويل 3 مستشفيات إلى ثكنات، وهي: مدينة المعلم الطبية ومستشفى يونيفرسال والمجمع الطبي بجامعة الخرطوم، إضافة لنهب وتخريب مستشفى عبد الفضيل ألماظ للعيون، وهو المستشفى المركزي للعيون بالخرطوم.
ودعت إلى الابتعاد عن المستشفيات والمرافق الصحية باعتبارها قضية إنسانية بحتة.
ومن بين الدول المتاخمة للسودان: جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا وليبيا، وكلها تأثرت بصراعات داخلها في الآونة الأخيرة.