Published On 9/9/2025
|
آخر تحديث: 07:45 (توقيت مكة)
أنقرة- أدرجت مجلة “ديفنس نيوز” الأميركية 5 شركات تركية ضمن قائمتها السنوية لأقوى مئة شركة دفاعية في العالم لعام 2025، في مؤشر جديد على تنامي الحضور التركي في الصناعات الدفاعية العالمية.
ويجسد هذا الإنجاز القفزة النوعية التي حققتها أنقرة خلال السنوات الأخيرة في مساعيها نحو الاكتفاء الذاتي وتعزيز موقعها الصناعي.
وتصدرت أسيلسان قائمة الشركات التركية بحلولها في المرتبة الـ43 عالميا بإيرادات دفاعية بلغت 3.54 مليارات دولار، تلتها كل من الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش)، وروكيتسان، وآسفات، ومؤسسة الصناعات الميكانيكية والكيميائية، التي تراوحت مواقعها بين المركزين 47 و80.
وجاءت الشركات التركية الخمس المدرجة وتصنيفها لعام 2025، على النحو التالي:
- أسيلسان: المرتبة 43 عالميا، بإيرادات 3.54 مليارات دولار.
- الصناعات الجوية والفضائية التركية – توساش: المرتبة 47، متقدمة 3 مراتب عن العام الماضي، بإيرادات 3.15 مليارات دولار.
- روكيتسان: المرتبة 71، حافظت على موقعها، بإيرادات 1.54 مليار دولار.
- آسفات: المرتبة 78، قفزت 16 مرتبة بعد أن كانت في المركز 94، بإيرادات 1.27 مليار دولار.
- مؤسسة الصناعات الميكانيكية والكيميائية: المرتبة 80، متقدمة 4 مراتب عن العام الماضي، بإيرادات 1.20 مليار دولار.
وبلغ إجمالي الإيرادات الدفاعية لهذه الشركات التركية الخمس نحو 10 مليارات و723 مليون دولار، بزيادة تقارب 28% عن مجموع إيراداتها في العام السابق، مما يبرز النمو السريع الذي يشهده هذا القطاع في تركيا.
قوة صاعدة
رسخت تركيا موقعها بين القوى الصناعية الصاعدة في مجال الدفاع، بعدما جاءت ضمن أكبر 5 دول في العالم من حيث عدد الشركات المدرجة في قائمة مجلة “ديفنس نيوز” لأقوى 100 شركة دفاعية لعام 2025.
فبينما تتصدر الولايات المتحدة القائمة بـ48 شركة، تليها المملكة المتحدة بـ6 شركات، جاءت تركيا جنبا إلى جنب مع فرنسا والصين بـ5 شركات لكل منها، متقدمة بذلك على ألمانيا (4 شركات) وكوريا الجنوبية وإسرائيل (3 شركات لكل منهما).
وعلى مستوى الترتيب العالمي، حافظت لوكهيد مارتن الأميركية على صدارة القائمة بإيرادات دفاعية قاربت 68.4 مليار دولار، تلتها شركة رايثيون تكنولوجيز في المركز الثاني، ثم الشركة الصينية للصناعات الفضائية في المركز الثالث.

رؤية حكومية
منذ القرار الإستراتيجي عام 1974 بالاعتماد على الذات في التسليح، حظيت الصناعات الدفاعية التركية بدعم حكومي مكثف مكنها من التحول من الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد إلى تلبية أكثر من 70% من احتياجات القوات المسلحة محليا بحلول 2024، مع طموح لتجاوز 80% خلال السنوات المقبلة عبر الاستثمار في البحث والتطوير.
ويؤكد المسؤولون أن الهدف يتجاوز الاكتفاء الذاتي إلى الاستقلال التام، وهو ما تجلى في مشاريع نوعية أبرزها المقاتلة المحلية “قاآن” التي أجرت أول تحليق تجريبي أواخر 2023، وحاملة الطائرات البرمائية “أناضول”، إضافة إلى الطائرات المسيرة بيرقدار تي بي 2 ونسختها البحرية تي بي 3 التي نفذت عام 2024 أول إقلاع وهبوط على متن سفينة ذات مدرج قصير.
وانعكس صعود الصناعات الدفاعية أيضا في قفزة غير مسبوقة بالصادرات بلغت قيمتها 7.2 مليارات دولار عام 2024، بزيادة 30% عن 2023 (5.5 مليارات دولار)، متجاوزة الهدف الرسمي البالغ 6.5 مليارات دولار. وللمرة الأولى تخطت تركيا حاجز الـ7 مليارات، لترتفع مساهمة القطاع إلى 2.7% من إجمالي الصادرات مع استهداف بلوغ 5% قريبا.
وتنوعت الصادرات بين المسيرات المسلحة، وسفن “ميلغيم” التي تسلمتها باكستان، وأنظمة صاروخية وتقنيات إلكترونية متقدمة. كما توسعت قاعدة العملاء إلى نحو 180 دولة تمتد من آسيا إلى أفريقيا وأوروبا، بينها دول من الناتو مثل الولايات المتحدة وبولندا ورومانيا، في تأكيد على الثقة الدولية المتزايدة بالمنتجات التركية وقدرتها على المنافسة.
ساهمت في العثور على حطام المروحية التي كانت تقل #الرئيس_الإيراني.. ما الميزات التي تتمتع بها المسيرة التركية “بيرقدار أكينجي”؟ ولماذا استعانت بها #إيران؟ pic.twitter.com/QrUDR3qNDJ
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 20, 2024
توطين السلاح
يرى المحلل السياسي أحمد ضياء جوكلاب، أن دخول 5 شركات تركية كبرى ضمن قائمة ديفنس نيوز لأقوى 100 شركة دفاعية في العالم يعد مؤشرا ملموسا على سعي أنقرة لترسيخ الاستقلال الإستراتيجي وتعزيز نفوذها الدولي.
ويقول جوكلاب في حديث للجزيرة نت، إن هذا الإنجاز يعكس إرادة تركيا في تقليص تبعيتها للغرب، وتأكيد قدرتها على تطوير أنظمة دفاعية عالية التقنية، مشيرا إلى أن بروز شركات مثل أسيلسان وتوساش يؤكد تقدم البلاد في مجالات الإلكترونيات العسكرية والطائرات المقاتلة.
وأضاف جوكلاب أن هذا التحول هو ثمرة مباشرة لسياسات “توطين” الصناعات الدفاعية التي بدأت عقب حظر السلاح في السبعينيات، وتجسيد لرغبة أنقرة في التحرر من القيود الخارجية.
حمولتها القصوى تصل إلى 750كغ وتحلق لمدة 50 ساعة.. المسيّرة التركية “أك سونغور”#إنفوغراف pic.twitter.com/aag19TlhmC
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 18, 2024
ولفت إلى أن مشاريع إستراتيجية مثل الطائرة القتالية “قاآن”، والمسيّرات بيرقدار تي بي 2 وأقينجي، عززت من قدرة تركيا على التأثير في معادلات الأمن الإقليمي، كما في حرب قره باغ.
وأشار إلى أن صعود شركات، مثل آسفات ومؤسسة الصناعات الميكانيكية والكيميائية، يعكس التوسع التركي في سوق السلاح الدولي، لا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، مما حول الصناعات الدفاعية إلى أداة فاعلة في “الدبلوماسية الدفاعية”.
وأكد أن الاستثمارات في البحث والتطوير والشراكات التكنولوجية عززت قدرة أنقرة على المناورة داخل حلف الناتو وزادت من وزنها التفاوضي.
من جانبه، قال الخبير العسكري التركي طلعت يرميجون، إن هذا الإنجاز لا يمثل مكسبا رمزيا فحسب، بل يترجم إلى قدرات ميدانية متطورة عززت مكانة أنقرة العسكرية.
وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن الصناعات الدفاعية المحلية أسهمت في تقليص زمن الاستجابة الميدانية، وتعزيز قوة النيران بفضل الطائرات المسيرة والمنظومات المتطورة، إلى جانب دعم الاستقلالية التشغيلية وتقليل الارتهان للقيود الخارجية.
وأضاف أن اتساع صادرات المعدات الدفاعية جعل من الصناعة العسكرية التركية أداة نفوذ سياسي وعسكري، وهو ما انعكس في تعزيز الردع ورفع كلفة أي مواجهة محتملة.