بنى العلماء ما يسمى “المولد الضخم لتجارب انفجار البلازما” أو “ماغباي”، وهو مولد طاقة نبضي تم تصميمه لإنتاج نبضة تيار كهربائي بحد أقصى 1.8 مليون أمبير في 240 نانوثانية.
تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من “إمبريال كولدج لندن” من بناء قرص دوار من البلازما في المختبر بشكل يحاكي الأقراص التي تدور حول الثقوب السوداء، الأمر الذي يساعد العلماء في دراسة أكثر دقة لكيفية نمو الثقوب السوداء.
وتعرف الثقوب السوداء بأنها أجرام لا يمكن لها أن تشع أي شيء على الإطلاق، لأنها ببساطة ذات قوة جذب قوية بما يكفي لسحب أي شيء يعبر الحدود الخارجية لها، حتى لو كان هذا الشيء هو الضوء نفسه، أسرع شيء في الكون.
ولذلك فإن دخول شخص ما إلى الثقب الأسود يعني انقطاعا تاما عن هذا الكون، لأن أي شيء يحاول أن يرسله لنا، سواء كان إشارة ضوئية أو راديوية أو حتى صراخه المرتفع، لن يخرج من الثقب الأسود أبدا، بل سيرتد إلى داخله.
ولهذا السبب يظهر الثقب الأسود بالنسبة لنا، في صور التلسكوبات الملتقطة مؤخرا، مثل كرة سوداء تماما، محاطة بحلقات مضيئة من المادة تقع خارج حدود الثقب الأسود، وتدور حوله.
وقد تميل المادة المحيطة بالثقب الأسود إلى الوقوع فيه أو قد تبقى كما هي أو قد تفلت من المدار وتنطلق للفضاء بسرعات هائلة، وما يحدد ذلك ليس معروفا بدقة حتى الآن من قبل العلماء الذين يعملون في هذا النطاق.
وتسمى تلك الحلقات التي تدور حول الثقب الأسود بـ”القرص المزود” (accretion disc)، وهي كتل هائلة من المادة التي تحتك بشدة مع بعضها بعضا لدرجة أنها تتحول بسبب الحرارة الشديدة إلى حالتها البلازمية، وهي حالة للمادة تنفصل فيها الإلكترونات عن أنوية الذرات، ويسبح كل منهما بحرية تامة، ولتلك الحالة من المادة خصائص مغناطيسية مميزة تدفع العلماء لدراستها بشكل دقيق.
بناء محيط الثقب الأسود
وبحسب الدراسة الجديدة، التي نشرها الفريق البحثي في دورية “فيزيكال ريفيو ليترز” (Physical Review Letters)، بنى العلماء ما يسمى “المولد الضخم لتجارب انفجار البلازما” أو “ماغباي” (MAGPIE)، وهو مولد طاقة نبضي تم تصميمه لإنتاج نبضة تيار كهربائي بحد أقصى 1.8 مليون أمبير في 240 نانوثانية.
يتكون المولد من 4 مضاعفات للجهد، يحتوي كل واحد على 24 مكثفًا. عند الحد الأقصى لقوة المولد يتم إنتاج جهد إخراج يبلغ 2.4 مليون فولت، يتسبب ذلك في تسريع 8 نفاثات من البلازما، ويعجل من تصادماتها بشكل يشبه تماما محيط الثقب الأسود.
وبحسب بيان صحفي رسمي من إمبريال كولدج لندن، فإن الباحثين سيبدؤون قريبا في استخدام “ماغباي” لاختبار النظرية الرائدة في هذا النطاق من علم الكونيات، والتي تقترح أن عدم الاستقرار في المجالات المغناطيسية الخاصة بالبلازما الدوّارة حول الثقب الأسود يسبب قدرا من الاحتكاك الشديد، مما يؤدي إلى فقدانها الطاقة وبالتالي تميل إلى السقوط في الثقب الأسود.