Published On 5/9/2025
|
آخر تحديث: 10:17 (توقيت مكة)
يعيش اليمن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ المعاصر، بعد مضي 10 سنوات على اندلاع الصراع المسلح على السلطة والمستمر حتى اليوم، ازدادت فيها الأوضاع المعيشية والاقتصادية سوءا عاما بعد آخر، في ظل تراجع وانهيار شبه كامل للبنية التحتية، مما أثر على حياة المواطنين.
وتشير تقديرات المنظمات الإنسانية للعام 2025 إلى أن أكثر من 19.5 مليون مواطن -أي ما يزيد على نصف عدد السكان البالغ نحو 34.9 مليون نسمة- بحاجة إلى مساعدات إنسانية وخدمات حماية عاجلة، بزيادة نحو 1.3 مليون شخص عن العام الماضي، وسط تحذيرات لمنظمات دولية وإقليمية من تفاقم المعاناة في حال عدم التحرك العاجل.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
ويعاني ما بين 17.1 و17.6 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مما يضع الملايين على حافة المجاعة، في حين يتجاوز عدد النازحين داخليًا 4.5 ملايين شخص، يعيشون أوضاعا مأساوية مع محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية كالماء والطعام والتعليم، إذ يوشك النظام الصحي على الانهيار، ولا يعمل سوى نصف المرافق الصحية بشكل كامل.
في حين يواجه نحو 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة أزمة سوء تغذية حاد يهدد حياتهم مع تفشي الأمراض مثل الكوليرا، نتيجة النقص الحاد في المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، التي يفتقر إليها نحو 17.4 مليون شخص، وفي قطاع التعليم، لا تعمل سوى 65% من المدارس، مما يحرم أجيالا كاملة من التعلم.
نقص التمويل
وتشير الأمم المتحدة إلى أن خطتها لعام 2025 للاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن تحتاج تمويلا قدره ما بين2.47 إلى 2.5 مليار دولار، لم يجمع منها سوى 173 مليون دولار أي أقل من 7%، من المبلغ المستهدف.
وتقول آن فان هافر مديرة أنشطة القابلات في منظمة أطباء بلا حدود إن “انهيار نظام الرعاية الصحية جعل النساء والأطفال أكثر عرضة للمضاعفات الصحية وعدم توافر الخدمات للنساء، ورغم ذلك نعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في منطقة الساحل الغربي بأكملها، والتي تغطي ما يزيد قليلا عن نصف مليون شخص”.
وتضيف، تضطر النساء ذوات الحمل عالي الخطورة أو المعقد أحيانًا إلى قطع مسافة 3 ساعات بالسيارة للوصول إلى المستشفى، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تعاني 15% من الولادات من مضاعفات الولادة القاتلة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
ومثّل الصراع المستمر بين مختلف الأطراف في اليمن تحديا جسيما أمام المنظمات الإنسانية العاملة هناك، بدءًا من عرقلة حركة سيارات الإغاثة بسبب انتشار نقاط التفتيش بكثافة عبر الطرق وأطراف المدن وتعرضهم للهجمات المسلحة، وصولا إلى استهداف البنى التحتية الحيوية والذي أدى لدمار واسع في الطرق والجسور ومرافق التخزين والاتصالات، مما زاد من صعوبة إيصال المساعدات، إضافة لأزمة السيولة النقدية، وتدهور قيمة العملة.
قيود وتدخلات
كذلك تواجه المنظمات الإنسانية تعقيدات متزايدة في عملها على الأرض في ظل القيود التي تفرضها أطراف النزاع، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، والتي تشمل تأخير صدور تصاريح العمل وفرض ضرائب والتدخل في توزيع المساعدات.
وقد رصدت منظمات حقوقية وخاصة هيومن رايتس ووتش حالات واسعة من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب من قبل جميع أطراف النزاع، من بينها اعتقال 17 موظفًا أمميًا من قبل الحوثيين منذ مايو/أيار الماضي.
وأضافت المنظمة الحقوقية أن مختلف الأطراف المتحاربة جندت أكثر من 4 آلاف طفل للمشاركة في العمليات القتالية، بالإضافة إلى انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة بشكل واسع، مؤكدة أنها رصدت نحو 79 حادثة انفجار ألغام أسفرت عن مقتل 49 شخصًا وإصابة 66 آخرين بينهم أطفال خلال العام الماضي.
وتبذل وكالات أممية ومنظمات دولية ومحلية جهودًا جبارة لتقديم خدمات إنقاذ الحياة، وتشمل الغذاء والمأوى والتعليم والصحة، لكنها غالبًا ما تعمل في بيئة عدائية وبموارد محدودة. ويؤكد خبراء أن غياب حكومة فاعلة يمثل أحد أبرز العوائق أمام تحقيق أثر مستدام.

وضع صعب ومعقد
ويقول أنس الحماطي مدير مكتب اليمن في منظمة جيفت أوف ذا جيفرز “للجزيرة نت” إن الوضع الإنساني في اليمن يعد صعبًا للغاية حتى قبل الحرب، فكانت اليمن مصنفة كواحدة من الدول العشر الأكثر فقرًا في العالم بنسبة 75% بين السكان وعندما جاءت الحرب فتحت بابًا جديدًا من المعاناة على ملايين اليمنيين، مشيرا إلى أن مؤسسته بدأت نشاطها هناك عام 2012، بتدخلات في مجالات التعليم والصحة، وتغطية احتياجات مناطق النازحين وتوفير بعض التجهيزات لمركز الأمل لعلاج السرطان، ودعم مركز غسيل الكلى والجزام.
ويضيف الحماطي أن طول زمن الحرب وارتفاع المخاطر في عمل المنظمات الإنسانية أدى إلى زيادة نفقاتها التشغيلية خاصة في النصف الأول من العام الجاري، الذي شهد تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل الدولي المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.
وقد نفذ الهلال الأحمر القطري مشروعا إنسانيا لدعم مرضى الفشل الكلوي والأورام السرطانية في اليمن، من خلال تغطية تكاليف 1044 جلسة أشعة، وزود مؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان في أمانة العاصمة بمنظومة طاقة شمسية متكاملة ومستلزمات غذائية ومحروقات بتكلفة إجمالية بلغت 135 ألف دولار أميركي.
وفي تصريح للجزيرة نت أعرب عبد السلام المداني رئيس صندوق مكافحة السرطان أن الصندوق يوفر الأدوية الكيميائية والبيولوجية والمحاليل المخبرية، وإجراء العمليات الجراحية مجانا.
ويضيف، نعمل على تجهيز مستشفى لعلاج مرضى السرطان في أمانة العاصمة، ونأمل أن يكون للمنظمات الدولية دور في توفير التجهيزات الطبية والأدوية، خاصة وأن مرضى السرطان يضطرون إلى السفر للخارج من أجل الحصول على العلاج.
وقد تأثرت عمليات الإغاثة بتوقف عمليات الاستيراد عبر الموانئ بعد استهداف الولايات المتحدة وإسرائيل للمنافذ البحرية اليمنية عدن، والمكلا، والمخا، والصليف، مما زاد الضغط على ميناءي عدن والحديدة إذ يستقبلان أكثر من 90% من واردات اليمن، من الغذاء والدواء والوقود والمواد الأساسية التي تعتمد عليها الحياة اليومية للمواطنين.