قالت صحيفة “إسرائيل هيوم” إن الرئيس السوري أحمد الشرع اتخذ سلسلة من الخطوات الإيجابية تجاه إسرائيل خلال الأشهر الثمانية التي حكم فيها، ولكن رد إسرائيل كان دبلوماسية خاطئة، واستخداما مفرطا للقوة، والآن إجباره على تهديدها بالحرب.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم أرييل كاهانا- أن الإسرائيليين يستخدمون مصطلح “الجهادي” تلقائيا للإشارة إلى الشرع (أبو محمد الجولاني سابقا)، مع أن هذه التسمية لا تعكس حقيقة الرجل، وأن الواقع يتحدى الصور النمطية البسيطة.

وذكَّر كاهانا، وهو كبير المراسلين الدبلوماسيين للصحيفة ومراسلها بالبيت الأبيض أن المصرية المقيمة في تركيا دارين خليفة -التي أجرت مقابلة مع الجولاني، عندما كان لا يزال قائدا لهيئة تحرير الشام المتمردة- قالت إن مسار حياته مختلف تماما عن محيطه لأنه يركز على تحرير سوريا، وهو منخرط في صراع شرس مع قادة تنظيم الدولة الإسلامية، حتى إنهم حاولوا اغتياله.

وطني سوري

ووصفت الصحفية المصرية الشرع بأنه “وطني سوري بناءً على تاريخه وتصريحاته”، وبالفعل تأكدت صحة وجهة نظرها -حسب كاهانا- لأن الشرع اتخذ مجموعة واسعة من الإجراءات التي تشير إلى التزامه بإعادة إعمار سوريا وتعزيز السلام مع إسرائيل، وتجنب أي تهديدات عسكرية أو خطابية لإسرائيل، وبادر بتجنيس آلاف “اللاجئين الفلسطينيين”، متحديا بذلك أدبيات “حق العودة”.

وقد منع الشرع كذلك شحنات الأسلحة الإيرانية عبر حدوده، والتزم الصمت حيال استيلاء الجيش الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ وأراض سورية أخرى ذات سيادة، وانخرط في محادثات تهدف إلى تطبيع العلاقات مع تل أبيب، وجرت مفاوضات سرية خلف الكواليس، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفريقه تحدثا عن سوريا بوصفها شريك سلام محتملا قبل السعودية.

وذكّر أرييل كاهانا بأن سوريا تحتاج إلى دعم اقتصادي في مجال الطاقة والتكنولوجيا والزراعة، ويمكن لإسرائيل أن تساعد في ذلك، مما “يربط سوريا بنا من خلال مصالح مشتركة تمنع أي عداء مستقبلي، كما هي الديناميكية مع الأردن ومصر”.

وأضاف الكاتب أن أغلب الدول تريد التغاضي عن ماضي الشرع مقابل سلوكه السليم في المستقبل، مشيرا إلى أنه “من غير المرجح أن يتوقف العالم لمجرد اعتراض إسرائيل”، خاصة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأكثر تأييدا لإسرائيل، التقى الشرع ورفع العقوبات عن سوريا، ولم ينتظر تل أبيب.

دخول قوات الشرطة العسكرية إلى محافظة السويداء بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لضبط الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ومنع أي تجاوزات، وذلك في إطار الجهود المستمرة لتعزيز السلم الأهلي وفرض سيادة الدولة.- الصور من وزارة الدفاع السورية

مبادرة إسرائيل الخاطئة

وتجاهلت إسرائيل نهج الشرع الثابت والواضح، فكانت سياستها تجاهه متذبذبة، وظلت تصفه لأشهر بأنه “إرهابي يرتدي بذلة”، ثم غيرت موقفها منه مؤخرا وعاملته كشريك سلام محتمل، ولكنها عادت، مع أحداث السويداء، إلى وصفه بـ”الإرهابي”، وهو ما يعني -حسب الكاتب- أنها لم تفهم من هو.

ونبه الكاتب إلى أن إسرائيل لا تتوقف عن ارتكاب الأخطاء في سوريا، لأن الجيش الإسرائيلي والمسؤولين الدبلوماسيون لم يدركوا حدود القوة، وأن الوعد بحماية الدروز لا يمكن الوفاء به، خاصة أن صلاح طريف، الوزير السابق والزعيم الدرزي، قال إنهم لم يطلبوا من إسرائيل قط حماية إخوانهم السوريين، بل هي فكرة إسرائيلية.

 

سوريا تحتاج إلى دعم اقتصادي يربطها بنا من خلال مصالح مشتركة تمنع أي عداء مستقبلي، كما هي الديناميكية مع الأردن ومصر

بواسطة أييل كاهانا

وخلص الكاتب إلى أن النهج الأفضل لدروز سوريا هو السماح لهم بالتفاوض مع الشرع، وأن إسرائيل لم تجن من إثارة الفتنة شيئا، بل إن سياستها العدوانية المفرطة دفعت الرئيس السوري إلى التلميح بالحرب مع إسرائيل لأول مرة، بعد أن دمرت أركانه بلا داعٍ، وقصفت قصره.

وخلص كاهانا إلى أن إسرائيل تقوض مصالحها الأمنية والدبلوماسية، لأن الشرع منذ توليه منصبه وحتى الليلة الماضية، ظل يمد يد السلام وظلت إسرائيل ترفضها، ولكن الأوان لم يفت بعد، وعلى تل أبيب إعادة تنظيم صفوفها وإعادة ضبط سياستها، ولتقل للشرع إنها لن تتسامح مع مذبحة للدروز، ولكن عليها أن تقول للدروز أيضا إن عليهم التعايش مع نظام دمشق، وإنها لا تستطيع ضمان سلامتهم.

شاركها.
اترك تعليقاً